للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأُمَّة به، فعُرف حقُّه، ودُرس مذهبُه، إلى أن أَخذ أمير الأندلس، إذ ذاك هِشام بن عبد الرحمن بن مُعاوية بن هشام بن عبد الملك [١] بن مَروان الناسَ جميعا بالتزام مذهب مالك. وصيّر القضاءَ والفُتيا عليه، وذلك في عشرة السبعين ومائة من الهجرة في حياة مالك رحمه الله تعالى [٢]، وشيخٌ المفتين حينئذ [٣] صَعصعة بن سلّام إمام الاوزاعية، وراويتُهم، وقد لحِق به من أصحاب مالك عِدّة، فألتزمَ الناس بها من يومئذ [٤] هذا المذهَب وحموهٌ بالسّيف عن غيره جملة، وأدخل بها قومٌ من الرَّحالين والغرباء شيئًا من مذهب الشافعي، وأبى حنيفة، وأحمد، وداود، فلم يمكنوا من نشره، فمات بموتهم [٥] على اختلاف ازمانهم، إلا من تديّن به في نفسه ممن لا يؤبه لقوله، على ذلك مَضى امر الأندلس إلى وقتنا هذا.

فبدأنا في كل طبقة بأهل المدينة، ثم بمن والآها من جزيرة (*) العزب، ثم بأهل المشرق، ثم كررنا على المصريّين ومَن والاهم [٦] من المغاربة، وختمنا بأهل الأندلس، إِلا مَن لم نجد له من أَهل تِلك البلاد في تلك الطّبقة اسما فتعدَّى إلى ما بَعده على الرسم.

وانتقَينا أثناء ذلك [٧] من نوادر ظُرفائهم وملح آدابهم ومحاسن شُعرائهم [٨] ما ينشّط النفس عند كسَلها، ويصقل عنها رَيْن صدئها؛ فقد قال عليٌّ رضى الله تعالى عنه: سَلُّوا النُّفوس ساعة، فإنها تصدَأُ كما يَصدَأُ الحديد.


[١] معاوية بن هشام بن عبد المالك: ا ت خ ك، معاوية بن عبد بلتك ب
[٢] تعلى: ت - ا
[٣] حينئذ: بخ ك، يومشد: ت
[٤] بها يومئذ: ا خ، من يومئذ: ب ك ت.
[٥] بموتهم: أ، لموتهم: ك
[٦] ومن والاهم: ب خ، ومن وراءهم: ات ك
[٧] وانتقينا أثناء ذلك: ب ك ت حاشية خ، واقتفينا إثر ذلك: خ، وأتبعنا أثناء ذلك: ا
[٨] ومحاسن شعرائهم: ب ت خ ك: - ا.