للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحكى عبيد الله بن يحيى عن أبيه قال: كنت مع الحاجب عبد الكريم بن مغيث في الغزو يوم أربونة (٤٥٩)، ومعى صاحبي سعيد بن محمد بن بشير، فكان يكرمنا ويرسل الينا ويستشيرنا، وربما استخصنى بالارسال حتى قلت له: لا تفعل فربما أحفظ ذلك صاحبي؛

ووجه إلى يومًا بصلة مائة دينار، والى سعيد بمثلها، فصرفتها إليه وقلت له: أما أنا فمستغن عنها بحمد الله، ولكن اجمعها لصاحبي لحاجته اليها؛

فلما فتح الله على المسلمين، وقفلنا، قال لى يومًا: يا أبا محمد أردت أن أكرمك أنت وصاحبك، فأمكن بكما الأندلس (٤٦٠)

قلت: وبم ذلك؟

قال: بأن أسمعكما سماعا حسنا عندى؛

فقلت: أنت والله تريد اهانتنا لا اكرامنا؛

فقال لى: يا أبا محمد لا تظن إلا خيرًا، فما كان رأى من قبلك إذا تبلغ في تكريمهم حتى يفعل ذلك بهم؛

فقلت لا جزاهم الله خيرًا عن أنفسهم ولا عنك، فقد والله خانوا * الله ورسوله.

فخجل واعتذر.

وذكر أحمد بن عبد البر أن قاضيا من قضاة قرطبة - سماه - جميل المذهب، كان أشار به يحيى بن يحيى،، فكان طاعة له في قضائه لا يعدل عن رأيه إذا اختلف الفقهاء عليه، فاتفق أن وقعت قصة تفرد فيها يحيى وخالفه


(٤٥٩) ك م: يوم أربونة - أ، ط: يوم أريونه.
(٤٦٠) ط، ك: الأندلس - أ: الأنس.