للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جميعهم، فأرجأ القاضى القضاء فيها حياء من جماعتهم، وردفته قصة أخرى شاوره فيها أيضًا، فلما أتى كتابه يحيى، وقد أحقده توقفه على انفاذ الأولى، صرفه على رسوله وقال: ما أفك له ختاما، ولا أشير عليه بشيء، اذ قد توقف عن القضاء لفلان بما أشرت عليه به، وعابه؛

فلما انصرف إليه رسوله وعرفه بقوله، قلق منه وركب من فوره إلى يحيى معتذرًا، وقال له لم أظن الأمر وقع منك هذا الموقع، وسوف أقضى له غد يومي ان شاء الله.

فقال له يحيى: وتفعل ذلك صدقا؟

قال: نعم.

قال له: فالآن هجت غيظي، فانى طننت اذ خالفنى أصحابك، أنك توقفت مستخيرًا لله، متحريا (٤٦١) في الأقوال: فأما إذا صرت تتبع الهوى، وتقضى برضي مخلوق ضعيف، فلا خير فيما تجيء به، ولا فى ان رضيته منك فاستعف من ذلك، فانه أستر لك، والا رفعت في عزلك، فرفع يستعفى، فعزل.

قال عبيد الله بن يحيى: قال لى أبي: لما قام الناس على قاضي قرطبة، يحيى بن معمر (٤٦٢)، وتشاهدوا (٤٦٣) فيما كتب عليه، أتاني سعيد بن حسان، فقال لى: ما ترى فى الشهادة عليه؟

فقلت له: لا تفعل، وانتظر أن تكون مشاورًا في شهادة غيرك، فتكون فتواك أنفذ من شهادتك؛


(٤٦١) أ: متحريا - ك: متخيرا - ط: متحيرًا.
(٤٦٢) "يحيى بن معمر" ساقط من نسخة ك.
(٤٦٣) أ: وتشاهدوا - ك: وتساعدوا - ط: وتشاغلوا.