للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: يا أمير المؤمنين: إلى الثغور؟

قال: الحق بمدينة السلام.

فقال أبو صالح الحراني (٥٩): يا أمير المؤمنين تغفر زلته.

قال: يا شيخ! شفعت؟ ارتفع.

قال: وكان لما حضر، قال له المأمون: يا ساع: يرددها عليه.

فقال له: لست بساع، وإن أذن لي أمير المؤمنين في الكلام تكلمت.

قال: تكلم.

قال: والله يا أمير المؤمنين ما أنا بساع، ولكني أحضرت، فسمعت وأطعت حين دعيت، ثم سئلت عن أمر فاستعفيت فلم أعف ثلاثا، فلما رأيت أنه لابد لي من الكلام، كان الحق آثر عندي من غيره.

فقال المأمون: هذا رجل أراد أن يرفع له علم في بلده، خذه إليك.

ثم حمله إلى العراق، وخرجت إليه امرأته، وحمل ابنه إبراهيم إلى الثغور، فأقام الحارث بالعراق ست عشرة سنة، حتى مات المأمون والمعتصم. وذكره الواثق لابن أبي دؤاد، فقال له: هو حاضر.

فقال: ما ظننت أنه حى.

فأرسل إلى الحارث وهو ببغداد يقول له: سل حاجتك؟

قال: حاجتى أن لا تحملني إلى سر من رأى.

فقال ابن أبي دؤاد للواثق: هو شيخ ضعيف، خفت أن أحمله فيموت.

قال: فاكتب إليه يتوجه حيث شاء.

فانصرف إلى مصر، سنة اثنين وثلاثين ومائتين، فلما ولى المتوكل ولاه قضاءها.


(٥٩) ك، م: أبو صالح الحراني - أ، ط: أبو صالح الهذلي.