فقال: يا بني إنك ترد على أهل العراق، ولهم لطافة أذهان، وألسنة حداد، فإياك أن يسبقك قلمك، لما تعتذر منه. وذكر أبو القاسم البيدي: إن ابن سحنون أتى بعد موت سحنون، هو وأصحابه زائراً، الى عبد الرحمان بن عبد ربه الزاهد، فسلم عليه، فرد عليه السلام، وتركه حيث انتهى به المجلس، ولم يقبل عليه حتى انصرف. فلما كانت الجمعة الأخرى، استنهض محمد أصحابه لزيارته ثانية. فقالوا له: رأيناه لم يقبل عليك. فقال: ليس هذه بغيتي. هو رجل صالح نرجو بركة دعائه. وقد كان سحنون يأتيه، ويتبرك بدعائه، ويلجأ إليه عند المهمات. فعاد إليه ابن سحنون وأصحابه، فلما رآه قام على رجليه، ورحب به وأجلسه في موضعه. ولم يزل مقبلاً عليه، حتى انصرف. فقيل له في ذلك، مع فعله الأول. فقال: والله ما أردت بذلك إلا الله. رأيت اجتماع الناس عليه، فخفت فتنة فعملت ما عملت لأجربه، فرأيت في ليلتي، قائلاً يقول لي، في ذلك: لم تقبل على ابن سحنون، وهو ممن يخشى الله. وفي رواية: وهو ممن يحب الله ورسوله. فبلغت ابن سحنون. فبكى بكاءً شديداً، وقال: لعله يذبّي عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولما خرج الى الحج، نزل على أبي رجاء بن أشهب بن عبد العزيز، فقصده علماء مصر، ووجوههم، يسلمون عليه، وابن المزني،