للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَقَطَّعَةٍ، فَقالَ أبُو رَافِعٍ: لَقَدْ أعْطِيْتُ بِهَا خَمْسَمِائَةِ دينَار ولَوْلا أنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُول: " الْجَارُ أحقُّ بسَقَبِهِ، ما أعطَيْتُكَهَا بأرْبَعَةِ آلافٍ، وَأنا أُعْطى بِهَا خمْسمِائَةِ دينَارٍ، فأَعطَاهَا أيَّاهُ.

ــ

درهم فقط مقسمة على أقساط معينة، وأقسم أن لا يزيده على ذلك " فقال أبو رافع: لقد أُعطيت بها خمسمائة دينار " أي لقد سيمت منّي بأكثر من هذا الثمن حيث أعطيت فيها خمسمائة دينار " ولولا أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: الجار أحق بسقبه " بفتح السين والقاف، ويجوز إبدال السين صاداً وهو القُرب " ما أعطيتكها بأربعة آلاف " يريد أبو رافع أن يقول: لا بد لي من أن أبيعهما لك، ولو بسعر أقل، وإن الذي يدفعني إلى بيعهما لك بأربعة آلاف مع أنني أعطيت فيهما أكثر هو هذا الحديث الذي سمعته من النبي - صلى الله عليه وسلم - والذي قرّر فيه حق الجار في شراء نصيب جاره، وتفضيله في البيع على غيره، وتقديمه على سواه، لما بينهما من علاقة قوية وقرابة وثيقة، ولولا ذلك لما بعتها لك بهذا الثمن الأقل.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أنه ينبغي للجار إذا أراد أن يبيع ما يخصه من الأرض أو الدار أن يعرضها على جاره كما فعل أبو رافع، وكذلك الشريك، وهو أولى لقوله - صلى الله عليه وسلم - " من كان له شريك في حائط فلا يبيع نصيبه من ذلك حتى يعرضه على شريكه " أخرجه الترمذي وقال: هذا حديث ليس إسناده بمتصل، لكن يؤيده ما رواه مسلم في صحيحه حيث قال فيه: " لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه، فإن شاء أخذ، وإن شاء ترك، فإذا باع ولم يؤذنه فهو أحق به ". قال النووي: وهذا محمول عندنا على الندب على إعلامه، وكراهة بيعه قبل إعلامه كراهة تنزيه (١) وليس


(١) أما بالنسبة إلى الجار فيحتمل أن يكون إعلامه بالبيع مستحباً ومندوباً وأن ترك اعلامه مكروه فقط: أما =

<<  <  ج: ص:  >  >>