للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير صحيح. فإن هذا فعل لا يتم إلاّ بأقوالٍ تصدر عنه - صلى الله عليه وسلم - يحجر بها تصرفه، وألفاظ يباع بها ماله، وألفاظ يقضى بها غرماؤه، وما كان بهذه المثابة لا يقال إنه حكاية فعل: اهـ. واختلفوا هل يختص الحجر بالمدين المفلس أم أنه يشمل كل مدين لم يقض الدين الذي عليه عند حلول الأجل ولو كان غنياً، فقال الجمهور: يدخل في ذلك الغني إذا ماطل في تسديد الدين، فيبيع الحاكم عليه ماله لينصف منه غريمه أو غرماءه، ومما يدل على ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: " ليُّ الواجد يحل عرضه وعقوبتهِ " فإنْه يدل على أنه يحجر عليه، ويباع عنه ماله، لأنه داخل تحت مفهوم العقوبة. وقال بعضهم: لا يحجر على المدين إن كان غنياً وإنما يجب حبسه حتى يقضي دينه قالوا: وليس في حجره - صلى الله عليه وسلم - على معاذاً أي دليل على أنه يحجر - على الغني إذا لم يقض الدين الذي عليه، لأن معاذاً كان في الحقيقة مفلساً لما في رواية أبي داود عن عبد الرحمن بن كعب ابن مالك مرسلاً قال: " وكان معاذ بن جبل رجلاً سخياً، وكان لا يمسك شيئاً، فلم يزل يدان حتى أغرق ماله كله في الدين، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فكلمه ليكلم غرماءه، فباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم ماله حتى قام معاذ بغير شيء (١) " وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - " ليُّ الواجد بحل عرضه وعقوبته " فمعناه أن الغني إذا ماطل في قضاء الدين حلت عقوبته بسجنه لا بالحجر عليه. أما كيف يقسم مال المفلس على الغرماء؟ فقد اتفق أهل العلم على أن المفلس الذي له مال لا يفي بديونه يَحْجُرُ الحاكم عليه إذا طلب غرماؤه أو بعضهم ذلك، ويكف يده عن التصرف فيه ويبيع عليه ماله " عند الجمهور " (٢) ويقسمه بالحصص على غرمائه الحاضرين المطالبين بحقوقهم الذين حلّت آجالهم فقط، دون الحاضرين الذين لم يطالبوا بحقوقهم، أو الغائبين الذين لم يوكّلوا أحداً عنهم، أو الدائنين


(١) " فقه السنة " ج ٢.
(٢) إذا منع عن بيعه بنفسه كما في " فقه السنة " ج ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>