للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

" فقال: ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله " أي ليست موافقة لأحكام الله تعالى، " من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله عزّ وجل فليس له، وإن اشترط مائة شرط " أي من اشترط شرطاً مخالفاً لحكم الله فإنه باطل لا ينفذ شرعاً، " شرط الله أحق وأوثق " أي شرط الله أولى بتنفيذه والعمل به من شروط الناس، لأنه لا يُقَدَّم على حكم الله شيء، وهو الصواب لما يتضمنه من العدل والحكمة، ولأنه حكم العليم الحكيم.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: مشروعية المكاتبة، لأن هؤلاء الأنصار كاتبوا بريرة وأقرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، ولا خلاف بين أهل العلم في ذلك، واختلفوا هل كانت معروفة قبل الإِسلام؟ والصحيح كما قال الحافظ: أنها كانت في العصر الجاهلي (١)، قال ابن خزيمة: " وقد كانوا يكاتبون في الجاهلية " وأقرها الإِسلام، قال ابن خزيمة: وأوّل من كوتب في الإِسلام سلمان، كما أفاده الحافظ، واختلفوا فيما إذا بقي على المملوك شيء، فروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " المكاتب عبد ما بقي عليه من مكاتبته درهم " أخرجه أبو داود والنسائي وصححه (٢) الحاكم، قال مالك (٣) في " الموطأ " وهو رأيي. وهو مذهب الجمهور أيضاً.

قال الزرقاني: وكان فيه خلاف عن السلف، فعن علي: إذا أدى الشطر فهو غريم " وعنه يعتق منه بقدر ما أدّى، وعن ابن مسعود: لو كاتبه على مائتين وقيمته مائة فأدّى المائة عتق، وعن عطاء: إذا أدى المكاتب ثلاثة أرباع كتابته عتق، وروى النسائي عن ابن عباس مرفوعاً: " المكاتب يعتق منه بقدر ما أدى " ورجال إسناده ثقات، لكن اختلف في إرساله ووصله. اهـ. كما أفاده الزرقاني. ثانياًً: أنه لا يجوز للمكاتب أن يشترط شرطاً مخالفاً لأحكام الله


(١) " فتح الباري " ج ٥.
(٢) " شرح الزرقاني " ج ٤.
(٣) " موطأ مالك ".

<<  <  ج: ص:  >  >>