للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسلوكها " فقالت: يا رسول الله أحمي سمعي وبصري " أي أصون سمعي من أن أقول سمعت ولم أسمع أو بصرى عن أن أقول رأيت ولم أر " فعصمها الله بالورع " أي فمنعها الورع من الوقوع فيما وقع فيه غيرها، وهو خُلقٌ في النفس يمنع صاحبه من الوقوع في المحرمات والشبهات. الحديث: أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي وأحمد.

ما يستفاد من الحديث: ويستفاد منه فوائد كثيرة نعجز عن استقصائها ونكتفي ببعضها. أولاً: صحة القرعة بين النساء في السفر وغيره، وبه استدل مالك وغيره في العمل بالقرعة في القسم بين الزوجات في السفر وغيره والعتق والوصايا والقسمة ونحو ذلك، وهو مذهب الشافعي وأحمد وجماهير العلماء. وحكي عن أبي حنيفة إبطالها، وحكي عنه إجازتها، قال العيني (١): وليس المشهور عن أبي حنيفة إبطال القرعة وأبو حنيفة لم يقل ذلك وإنما قال القياس يأباها، لأنه تعليق الاستحقاق بخروج القرعة، وذلك قمار، ولكن تركنا القياس للآثار، وللتعامل الظاهر من لدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى يومنا هذا من غير نكير. ثانياً: جواز الغزو بالنساء، وخدمة الرجال لهن في الأسفار، لقول عائشة فأقبل الذين يُرَحلون لي فاحتملو هودجي. ثالثاً: فضيلة الاقتصاد في الأكل، وعدم الإِسراف فيه صحياً ودينياً، لقول عائشة رضي الله عنها في وصف نساء الصحابة رضوان الله عليهن في العهد النبوي: " وإنما يأكلن العلقة من الطعام ".

رابعاً: أنه يستحب أن يُسَرَّ عَنِ الإِنسان (٢) ما يقال فيه إذا لم يكن في ذكره فائدة كما كتموا عن عائشة ما يدور حولها من إشاعات كاذبة شهراً، ولم تسمعه بعد ذلك إلا بعارض عرض. خامساً: أن المرأة مهما كانت الأسباب لا تذهب إلى بيت أبويها إلاّ بإذن زوجها لأن عائشة رضي الله عنها قالت:


(١) " شرح العيني " ج ١٣.
(٢) " شرح العيني " ج ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>