"لَمَّا فَدَعَ أهْلُ خَيْبَرَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، قَامَ عُمَرُ خَطِيباً فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ عَامَلَ يَهُودَ خَيْبَرَ علَى أمْوَالِهِمْ، وقَالَ: نُقِرُّكُمْ ما أقَرَّكُمْ اللهُ، وإنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ خَرَجَ إلى مَالِهِ هُنَاكَ، فعُدِيَ عَلَيْه مِنَ اللَّيْلِ فَفُدِعَتْ (١) يَدَاهُ ورِجْلَاهُ، ولَيْسَ لَنَا هُنَاكَ عَدُو غَيرَهُمْ، هُمْ عَدُوُّنَا وتُهْمَتُنَا، وقدْ رَأيْتُ إجْلَاءَهُمْ، فَلَمَّا أجْمَعَ عُمَرُ عَلَى ذَلِكَ أتَاهُ أحَدُ بني أبِي الحُقَيقِ فَقَالَ: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ أتُخْرِجُنَا وَقَدْ أقَرَّنَا مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -، وعَامَلَنَا على الأمْوَالِ، وشَرَطَ ذَلِكَ لَنَا؟ فَقَالَ عُمَرُ: أظَنَنْتَ أنِّي نَسِيتُ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: كَيْفَ بِكَ إذَا أخْرِجْتَ مِنْ خَيْبَرَ تَعْدُو بِكَ قَلُوصُكَ لَيْلَةً بَعْدَ لَيْلَةٍ، فقَالَ: كَانَتْ هَذِهِ هُزَيْلَةً مِنْ أبِي القَاسِمِ،
ــ
٨٣٢ - معنى الحديث: أن يهود خيبر غدروا بابن عمر فدفعوه وأسقطوه من مكان عال، فاعوجت يداه ورجلاه، وانقلبت كفاه وقدماه، فخطب عمر رضي الله عنه وأخبر الناس بما وقع لولده من أشخاص مجهولين في خيبر، وأنه ليس له أعداء سوى اليهود فإن التهمة تتوجه إليهم، " وقد رأيت إجلاءهم " يعني إخراجهم من خيبر، " فلما أجمع عمر على ذلك، أتاه أحد بني أبي الحقيق " وهو رئيسهم، " فقال: تخرجنا وقد أقرنا محمد "، أي اتفق معنا على البقاء في خيبر، وعاهدنا عليه، " وعاملنا على الأموال " أي وتعاقد معنا على العمل في مزارع خيبر على طريقة المزارعة والمساقاة، " فقال عمر: أظننت أني نسيت قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كيف بك إذا أخرجت من خيبر تعدو بك قلوصك " أي لا تظن أني نسيت إخبار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
(١) قال في " القاموس " الفدَع " محركة اعوجاج الرسغ من اليد والرجل حتى ينقلب الكف أو القدم.