للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليَمَنِ إذ لَمْ يَقْبَلْهَا بنو تَمِيم، قالوا: قَدْ قبِلْنَا يا رَسُولَ اللهِ، قَالُوا: جِئْنَا نَسْألُكَ عن هذا الأمْرَ قال: " كَانَ اللهُ ولَمْ يَكُنْ شيءٌ غَيْرُهُ، وكان عرشُهُ على المَاءِ، وَكَتَبَ في الذِّكْرِ كُلَّ شَيءٍ، وخلقَ السَّمَواتِ والأرْضَ، فَنَادَى مُنادٍ: ذَهَبَتْ نَاقَتُكَ يا ابْنَ الْحُصَيْنِ، فانْطَلَقْتُ فإذا هِيَ يَقطعُ دونَهَا السَّرَابُ، فواللهِ لَوَدِدتُ أنِّي تَرَكْتُهَا ".

ــ

اليمن" وهم الأشعريون " فقال: اقبلوا البشرى "، أي اقبلوا مني هذا الخبر " قالوا: قبلنا يا رسول الله " أي قبلنا منك ذلك، فهات ما عندك " فإنما جئناك نسألك عن هذا الأمر " وفي رواية أخرى في البخاري " فقالوا: قد قبلنا يا رسول الله، قالوا: جئناك لنتفقه في الدين ولنسألك عن أوّل هذا الأمر " فما هو أول هذا الأمر الذي سألوا عنه. قال ابن تيميّة: إما أن يكون الأمر المشار إليه هذا العالم، أو جنس المخلوقات، وسواء كان السؤال عن الأوّل أو الثاني، فإن الذي يظهر لنا من مجموع الروايات أن رسول الله قد أجابهم عن بدء الخليقة عامة، لما جاء في رواية أخرى عن عمران بن حصين نفسه قال فيها: " فأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - يحدّث عن بدء الخلق والعرش " أخرجه البخاري، فهذا نص صريح على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أجابهم عن بدء الخليقة.

فإن كانوا قد سألوا عن بدء هذا العالم، فيكون النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أجابهم عنه ببدء الخليقة، لأنه أعم وأشمل، وهو متضمن لجواب سؤالهم وزيادة، وإن كانوا قد سألوا عن بدء الخليقة. فالجواب والسؤال متطابقان. " قال: كان الله، ولم يكن شيء " وفي رواية: " ولا شيء قبله " وروي: " معه " لكن رواية الباب أصرح في العدم، وفيها دلالة على أنه لم يكن شيء غيره لا الماء ولا العرش ولا غيرهما، لأن كل ذلك غير الله تعالى، وكلمة " كان " في قوله - صلى الله عليه وسلم - " كان الله " إلخ أزلية كما أفاده الحافظ، ومعناها أن الله تفرد بالوجود

<<  <  ج: ص:  >  >>