الأزلي دون غيره، فهو الأوّل بلا ابتداء، المنفرد بالأوليّة، وكل ما سواه حادث مخلوق له، بما في ذلك العرش. قال - صلى الله عليه وسلم -: "وكان عرشه على الماء " والمراد بكان هنا الحدوث بعد العدم، كما أفاده الحافظ، ومعناه، كما قال الحافظ: أنه خلق الماء سابقاً، ثم خلق العرش على الماء، قال ابن تيميّة: فالعرش (١) مخلوق أيضاً فإنه تعالى يقول: (وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) أي وهو خالق كل شىء: العرش وغيره، ورب كل شيء العرش وغيره، وفي حديث أبي رزين " العقيلي " أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بخلق العرش ". اهـ. وفي رواية أخرى للبخاري عن عمران بن حصين قال فيها: " فجاء أهل اليمن فقال: يا أهل اليمن، اقبلوا البشري إذ لم يقبلها بنو تميم، قالوا: قبلنا " فأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - يحدث عن بدء الخلق والعرش " أي يحدث عن بدء الخليقة، ومنها العرش، فهو من ضمن المخلوقات. قال القسطلاني وأشار بقوله - صلى الله عليه وسلم -: " وكان عرشه على الماء " إلى أن الماء والعرش - كانا مبدأ العالم لكونهما خلقا قبل كل شيء " وكتب في الذكر كل شيء " أي كتب في اللوح المحفوظ جميع ما هو كائن إلى يوم القيامة. " وخلق السموات والأرض " قال ابن تيميّة: وبعض الرواة ذكر فيه خلق السموات والأرض بثم، وبعضهم ذكرها بالفاء، فأما الجمل الثلاث المتقدمة، فالرواة متفقون على ذكرها بلفظ الواو، قال ابن تيمية:" وسواء كان قوله: وخلق السموات والأرض " أو " ثم خلق السموات والأرض " فعلى التقديرين أخبر بخلق ذلك، وكل مخلوق محدث كائن بعد أن لم يكن. وإن كان قد خلق من مادة. فإن كان لفظ الرسول - صلى الله عليه وسلم - " ثم خلق " فقد دل على أنه خلق السموات والأرض بعد ما تقدم ذكره وهذا اللفظ أولى بلفظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لما فيه من تمام البيان، وحصول المقصود الذي يدل على الترتيب الزمني في خلق هذه الكائنات. اهـ. خلاصة معنى
(١) رسالة لابن تيمية في شرح هذا الحديث نشر دار الكتب العلمية ببيروت.