للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث: أن الله كان قبل كل شيء ولم يكن أي شيء غيره موجوداً، ثم خلق الماء أولاً والعرش ثانياً، أو خلق العرش في الجهة العليا والماء في السفلى، ثم خلق القلم واللوح المحفوظ، ثم خلق السموات والأرض، هذا هو الترتيب الزمني لخلق هذه الكائنات العلوية والسفلية. " فنادى منادٍ ذهبت ناقتك " أي هربت " فانطلقت " أي فذهبت خلفها " فإذا هي يقطع دونها السراب " أي فإذا هي قد ابتعدت كثيراً حتى حال دونها السراب " فوالله لوددت أني تركتها " أي تمنيت أني تركتها تذهب وبقيت في مجلس النبي - صلى الله عليه وسلم -. الحديث: أخرجه أيضاً الترمذي والنسائي.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن الله هو الأول بلا ابتداء كما قال تعالى: (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ) وكما قال - صلى الله عليه وسلم -: " اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء " وهو معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث الباب: " كان الله ولم يكن شيء غيره " والإِيمان بهذه الصفة أمر تقتضيه الفطرة السليمة ويدل عليه المنطق الصحيح، لأن خالق الكائنات لا بد أن يكون موجوداً قبلها، وإلّا لما خلقها. فهو سبحانه أزلي أبدي لم يسبقه عدم، ولا يلحقه فناء، لأنه واجب الوجود. ثانياًً: بيان حدوث العالم وبدء الخليقة، وأن لهذا الوجود خالقاً هو الله تعالى، لا كما يقول الطبيعيون إنه وجد هذا العالم بمحض الصدفة، مما يرفضه العقل والتفكير السليم، لأن كل حادث لا بد له من محدث، وكل مصنوع لا بد له من صانع، وهذا يقتضى أن الكائنات كلها مخلوقة، والله هو خالقها ومبدعها، وأوّل هذه المخلوقات الماء في الجهة السفلى، والعرش في الجهة العليا. ثالثاً: أن القلم أوّل المخلوقات المعنوية لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " وكتب في الذكر كل شيء ". رابعاً: أن وجود اللوح المحفوظ من الحقائق الإِيمانية الثابتة التي يجب الإِيمان بها. خامساً أن الكلام في حدوث العالم وعجائب المخلوقات من صميم الدين

<<  <  ج: ص:  >  >>