للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٩٤ - عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:

قَال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " قَالَ اللهُ تَعَالَى: يَشْتِمُنِي ابْنُ آدَمَ، ومَا يَنْبَغِي لَهُ أنْ يَشْتِمَنِي، ويُكَذِّبَنِي، وَمَا يَنْبَغِي لَهُ، أمَّا شَتْمُهُ فَقَوْلُهُ: إِنَّ لِيَ وَلداً، وَأمَّا تَكْذِيبُهُ فَقَوْلُهُ: لَيْسَ يُعِيدُنِي كَمَا بَدَأني ".

ــ

لما فيه من الدلالة على وجود الله وتوحيده في ربوبيته. والمطابقة: في كون الحديث يدل على بدء الخلق.

٨٩٤ - معنى الحديث: أن الله تعالى يقول في الحديث القدسي يتجرأ عليَّ هذا الإنسان بما لا أستحقه منه، وقد خلقته ورزقته، وأنعمت عليه بشتى النعم، فلم يقابل ذلك بالإيمان بالله وتوحيده، وتقديسه وتنزيهه عما لا يليق به، وإنما قابل هذه النعم العظيمة بالشرك والكفر والنكران، فبعض هؤلاء البشر شتمني، والبعض منهم كذبني. فأما الذين شتموا الله عز وجل فقد نسب إليه اليهود والنصارى وبعض المشركين الولد، وهو لا يليق به عز وجل حيث إنه يقتضي المجانسة والمشابهة، وهو عز وجل الواحد الأحد الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، وأما الذين كذبوا بالله فقد أنكروا البعث، واستبعدوه مع علمهم بأن الله هو الذي خلقهم على غير مثال سابق، فكيف يخلقهم ابتداءً، ثم يعجز عن إعادتهم مرة أخرى، مع أن الإعادة أسهل كما قال تعالى: (أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ).

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن نسبة الولد إلى الله تعالى شتيمة وإنكار لوحدانيته، وتشبيه له بغيره، وهو شرك به، لأن الولد يشبه أباه، وهو عز وجل واحد في ذاته وصفاته وأفعاله، فكيف يكون له ولد يشبهه. ثانياً: أن إنكار البعث تكذيب لله ولوعده. ثالثاً: أنّ الله هو الذي بدأ الخلق، وهو الذي يعيده، وفي ذلك إثبات لحدوث العالم وإعادة

<<  <  ج: ص:  >  >>