للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَبَاتٍ، ثِنْتَيْون مِنْهُنَّ في ذَاتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَوْلُهُ: (إِنِّي سَقِيمٌ) وقَوْلُهُ: (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا) وقَالَ: بَيْنَا هُوَ ذَاتَ يَوْم وَسَارَةُ،

ــ

معنى قوله: " لم يكذب إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلاّ ثلاث كذبات " قال أبو البقاء: الجيد أن يقال بفتح الذال في الجمع لأنه جمع كذبة بسكون الذال تقول كذب كذبة، كما تقول ركع ركعة، قال: وأما إطلاقه الكذب على الأمور الثلاثة فلكونه قال قولاً يعتقده السامع كذباً، لكنه إذا حقق لم يكن كذباً لأنه من باب المعاريض المحتملة للأمرين. اهـ: ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: " ثنتان منهن في ذات الله عز وجل " أي ثنتان من الثلاث كانتا لأجل الله تعالى وحده دون أن يكون فيهما أي حظ لنفسه وهما قوله: (إِنِّي سَقِيمٌ) لأنه قال ذلك ليتخلص من الخروج معهم إلى معبدهم، ومشاركتهم في عبادتهم الباطلة، وقوله: (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا) لأنه قاله ليستدل به على ضعف آلهتهم، فهاتان الكذبتان في ذات الله تعالى، بخلاف الثالثة، فإنها كانت للتخلص من ذلك الجبار، ثم ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه الكذبات الثلاث: الأولى: " قوله: (إِنِّي سَقِيمٌ) " وسماها " كذبة " لأنّه قول يخالف الواقع في ظاهره، حيث إنه لم يكن مريض الجسم، ولكنه أراد أنه سقيم القلب، فهو باعتبار هذا المعنى الذي قصده إبراهيم ليس كذباً، وإنما هو عين الصدق. والثانية: " قوله: (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا) " وقد سماه " كذبة " باعتبار الظاهر الذي فهموه من أن الصنم الأكبر غضب من عبادتهم للأصنام الأخرى فكسرها في حين أنه أراد - كما قال بعضهم: إن هذا الصنم الكبير هو السبب الذي دفعني إلى تحطيم الأصنام الأخرى لأني لما رأيتها مصطفة حوله تعظيماً وتقديساً له حطمتها كلها إمعاناً في إذلاله، واستدلالاً على ضعفه ومهانته، وعجزه عن الدفاع عنها، ولو كان رباً قادراً عزيزاً لدافع عنها وحماها، "وقال بينا

<<  <  ج: ص:  >  >>