فَأتَتْهُ وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي، فَأوْمَأ بِيَد مَهْيَمُ، قَالَتْ: رَدَّ اللهُ كَيْدَ الْكَافِرِ أو الفَاجِرِ في نَحْرِهِ، وأخْدَمَ هَاجَرَ، قَالَ أبو هُرَيْرَةَ: تِلْكَ أمُّكُم يا بني مَاءِ السَّمَاءِ".
ــ
ويئس منها " فدعا بعض حجبته، فقال: إنكم لم تأتوني بإنسان، وإنما أتيتموني بشيطان " وفي رواية ما أرسلتم إلي إلاّ شيطاناً، ارجعوها إلى إبراهيم، قال الحافظ: وهذا يناسب ما وقع له من الصرع، " فأخدمها هاجر " أي فوهب لها هاجر - بفتح الجيم لتخدمها، وهو اسم سرياني " فأتته وهو قائم يصلي فأومأ بيده " مهيم " بفتح الميم وسكون الهاء أي ما حالك وما شأنك " قالت: رد الله كيد الكافر أو الفاجر في نحره " وهو مَثَل تقوله العرب لمن أراد أمراً باطلاً فلم يصل إليه: أي خيَّب أمله وحال بينه وبين مقصوده " وأخدم هاجر " قال أبو هريرة: فتلك أمكم يا بني ماء السماء " أي فتلك المرأة التي هي هاجر هي أمكم أيها العرب، لأنها أم إسماعيل، وهو جد العدنانيين من العرب ويقال: إن أباها كان من ملوك القبط، وإنما نسب العرب إلى ماء السماء نسبة إلى الفلوات التي بها مواقع القطر، وقيل أراد بماء السماء زمزم قال ابن حبان في صحيحه: " كل من كان من ولد إسماعيل يقال له: ماء السماء، لأن إسماعيل ولد هاجر وقد ربي بماء زمزم وهي من ماء السماء.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: فضل إبراهيم عليه السلام، وذكر بعض أخباره، وأن تصرفاته وأعماله وأقواله كانت لله وفي الله كما يدل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: " ثنتان منهن في ذات الله عز وجل " ثانياًً: أن إبراهيم لم يكذب في حياته سوى هذه الثلاث، وهي ليست كذباً في الحقيقة، وإنما هي " تورية "، ومعناها أن يأتي المتكلم بكلمة لها معنى قريب يتبادر إلى ذهن