للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩٢١ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ:

"أوَّلَ مَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ الْمِنْطق مِنْ قِبَلِ أمِّ إسْمَاعِيلَ، اتَّخَذَتْ مِنْطَقاً لِتُعْفِّيَ أثرَهَا عَلَى سَارَةَ، ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ وبابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ، وهيَ ترضِعُهُ حَتَّى وَضَعْهُمَا عِنْدَ الْبَيْتِ عِنْدَ دَوْحَةٍ فَوْقَ زَمْزَمَ في أعْلَى الْمَسْجِدِ، وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أحَدٌ، وَلَيْسَ بِهَا مَاء، فوضَعَهُمَا هُنَالِكَ، وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَاباً فِيهِ تَمْرٌ، وسِقَاءٌ فِيهِ مَاء، ثُمَّ قَفَّى (١) إبْراهِيمُ مُنْطَلِقَاً، فَتَبِعَتْهُ أمُّ

ــ

السامع، ومعنى بعيد لا يخطر بباله، فيقصد المعنى البعيد ليخفي عن المخاطب أمراً تقضي الحاجة أو الضرورة إلى إخفائه، وهو ما أراده إبراهيم عليه السلام، كما وضحناه أثناء شرحنا للحديث. وليس هناك كذاب حقيقي، فالأنبياء لا يكذبون، لأنهم معصومون، وأطلق عليه الكذب تجوزاً لكونه على صورته، وإلّا فهو من باب المعاريض وهي فسحة ووقاية من الكذب كما في الخبر " إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب ". الحديث: أخرجه الشيخان. والمطابقة: في كون هذه الأشياء المذكورة في هذا الحديث تدل على خُلَّة إبراهيم وكمال محبته.

٩٢١ - معنى الحديث: يقول ابن عباس رضي الله عنهما: " أوّل ما اتخذ النساء المنطق " بكسر الميم وفتح الطاء، وهو قطعة من قماش تشد بها المرأة وسطها، وتجر أسفله على الأرض " من قبل أم إسماعيل " أي من جهة هاجر أم إسماعيل، وبسببها، فهي أوّل امرأة فعلت ذلك، وسببه أن سارة كانت قد وهبت هاجر لإبراهيم عليه السلام، فلما ولدت إسماعيل غارت منها، فشدت المنطق، وصارت تجر أسفله على الأرض، لتخفي آثار أقدامها، ثم أمره الله تعالى أن يذهب بها إلى مكة ففعل، ولم يكن هناك بيت ولا بناء ولا زرع ولا ماء، فوضعها تحت شجرة هناك فوق مكان زمزم، وكان إسماعيل رضيعاً، ومكة


(١) قفى بتشديد الفاء يعني ولى راجعاً إِلى الشام كما أفاده العيني.

<<  <  ج: ص:  >  >>