للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخذ في الدعاء والابتهال، وللحاج أن يدعو بما تيسر، ولا بأس أن يقول: " اللهم إنك تسمع كلامي، وترى مكاني (١) وتعلم سري وعلانيتي، ولا يخفي عليك شيء من أمري، أنا البائس الفقير، المستغيث المستجير، والوجل المشفق المقرُّ بذنوبي، أسألك مسألة المسكين، وأبتهل إليك ابتهال المذنب الذليل، وأدعوك دعاء الخائف الضرير، من خضعت لك رقبته، وفاضت لك عيناه، وذل لك جسده، اللهم لا تجعلني بدعائك رب شقياً، وكن بي رؤوفاً رحيماً " وهناك أنزلت عليه (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) فلما غربت الشمس أفاض من عرفة إلى مزدلفة، وهو يقول: " أيها الناس عليكم بالسكينة " ولم يقطع التلبية حتى أَتى المزدلفة، فأمر المؤذن فأذن وأقام، فصلى المغرب، قيل: حط الرحال، فلما حطوا رحالهم أمر فأقيمت الصلاة، ثم صلى العشاء، ثم نام حتى أصبح، فلما طلع الفجر صلاها في أول الوقت، ثم سار من مزدلفة عند الإسفار حتى أَتى منى، فرمى جمرة العقبة راكباً بعد طلوع الشمس، وقطع التلبية، ثم رجع إلى منى، فخطب في الناس خطبة بليغة أعلن فيها وجوب المحافظة على حقوق الإِنسان، حيث قال فيها: " فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا .. إلخ ثم نحر - صلى الله عليه وسلم - ثلاثاً وستين بدنة بيده، وأمر علياً أن ينحر الباقي من المائة، ثم استدعى الحلاق، فحلق شعره، ثم أفاض إلى مكة راكباً، وطاف طواف الإِفاضة، ثم أتى زمزم، فشرب منه وهو قائم، ثم رجع إلى منى من يومه، فقضى فيها ثلاثة أيام يرمي الجمرات الثلاث كل يوم عند الزوال حتى أكمل أيام التشريق الثلاثة، فنهض إلى مكة، فطاف طواف الوداع من الليل سحراً، وأمر الناس بالرحيل والتوجه إلى المدينة (١). والله أعلم. ثانياً: أن عدد غزواته - صلى الله عليه وسلم - تسع عشرة غزوة. والمطابقة: في قوله: " وإنه حج بعد ما هاجر حجة واحدة لم يحج بعدها، حجة الوادع ".


(١) " السيرة النبوية " لأبي الحسن الندوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>