للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن القيم: فإن قيل: قد ثبت في الصحيح عن أنس رضي الله عنه أنه قال: لم يخضب النبي - صلى الله عليه وسلم -، قيل: أجاب أحمد بن حنبل عن هذا وقال: قد شهد غير أنس رضي الله عنه على النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه خضب، وليس من شهد بمنزلة من لم يشهد. اهـ. ثانياًً: أن الأمر بخضاب الشعر في حديث الباب عام في جميع الألوان لأنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بمخالفة اليهود والنصارى، بتغيير الشيب وخضاب الشعر مطلقاً دون تقييد بلون مخصوص أو استثناء لون معين، لكن جاء في حديث جابر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد " أخرجه مسلم، ولهذا ذهب قوم إلى تحريم الخضاب بالسواد، واختاره النووي، وذهب أحمد والشافعي في المشهور عنهما إلى أنه يكره الصبغ بالسواد، وأجازه مالك وغيره من أهل العلم، إلاّ أنه يرى أن الخضاب بالسواد خلاف الأولى كما في " الموطأ " قال يحيى، سمعت مالكاً يقول في صبغ الشعر بالسواد: لم أجمع في ذلك شيئاً معلوماً، وغير ذلك من الصبغ أحب إليَّ، بمعنى أن الصبغ بالسواد خلاف الأولى فقط، وليس بمحرم، ولها قال في " المحلى ": يكره عند مالك صبغ الشعر بالسواد من غير تحريم. اهـ. وفي السواد عن أحمد كالشافعية روايتان، المشهورة يكره، وقيل: يحرم (١) وقد أجاز الخضاب بالسواد جماعة من أهل العلم وكثير من السلف من الصحابة والتابعين. قال ابن القيم في " زاد المعاد ": صح عن الحسن والحسين رضي الله عنهما أنهما كانا يخضبان بالسواد، ذكر ذلك ابن جرير عنهما في كتاب " تهذيب الآثار " وذكره عن عثمان بن عفان، وعبد الله ابن جعفر، وسعد بن أبي وقاص، وعقبة بن عامر، والمغيرة بن شعبة، وجرير بن عبد الله وعمرو بن العاص، رضي الله عنهم أجمعين، وحكاه عن جماعة من التابعين، منهم عمرو بن عثمان، وعلي بن عبد الله بن عباس، رضي الله عنهم أجمعين، وحكاه ابن الجوزي عن محارب بن دينار، وأبي يوسف رضي الله عنهم


(١) " أوجز المسالك شرح موطأ مالك " للشيخ زكريا الأنصاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>