للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنظر. " وأتى الأعمى في صورته فقال: رجل مسكين إلخ " يعني فقال له الملك. مثل ما قال لصاحبه، ولكن الأعمى لم يكن مثل صاحبيه كافراً النعمة، " فقال: قد كنت أعمى فرد الله بصري، وفقيراً فقد أغناني، فخذ ما شئت، فوالله لا أجهدك اليوم بشيء " أي لا أشق عليك برد شيء تطلبه مني " فقال له: أمسك مال فإنما ابتليتم " أي امتحنتم " فقد رضي عنك " لأنك شكرت نعمة الله وأديت حقها عليك " وسخط على صاحبيك " لأنهما كفرا بنعمة الله.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: التحذير من كفران النعم، لأنه يؤدي إلى زوالها، والترغيب في شكرها، لأنه يؤدي إلى دوامها وزيادتها، فالحديث مصداق قوله تعالى: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ). ثانياً: أن شكر النعمة واجب، وكفرها معصية، ولولا ذلك لما غضب على الأبرص والأقرع وعاقبهما في الدنيا قبل الآخرة. ثالثاً: أنه لا مانع من تذكير الإِنسان بحالته السيئة التي كان عليها إذا كان ذلك لنصحه ودعوته لشكر الله تعالى، أما إذا كان ذلك لتعييره بماضيه أو التشهير به فإنه لا لا يجوز شرعاً. رابعاً: الحث على الصدقة، والرفق بالضعفاء، ومد يد المعونة لهم. خامساً: أن على الإِنسان أن يذكر إذا صار في نعمة ما كان عليه سابقاً من فقر أو مرض أو عاهة، لأن ذلك يدفعه لمزيد الشكر والامتنان. سادساً: الزجر عن البخل، والتحذير من عواقبه السيئة، لأنه رأس كل رذيلة. سابعاً: أن هذه قصة من قصص بني إسرائيل العجيبة التي فيها الكثير من المواعظ والعبر، ولهذا حدثنا بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكي ننتفع بها في حياتنا وسلوكنا. الحديث: أخرجه الشيخان. والمطابقة: في قوله: " إن ثلاثة من بني إسرائيل ".

***

<<  <  ج: ص:  >  >>