إلى الْحَائِطِ كَأنَّي أُصْلِحُ نَعْلِي، وَامْض أنْتَ، فَمَضَى وَمَضَيْتُ مَعَهُ، حَتَّى دَخَلَ وَدَخَلْتُ مَعَهُ على النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقُلْتُ لَهُ: اعْرِضْ عَلَيَّ الإِسْلامَ، فَعَرَضَهُ فَأسْلَمْتُ مَكَانِي، فَقَالَ لِي:"يَا أبَا ذَر، اكْتُمْ هذَا الأمْرَ، وارْجِعْ إلى بَلَدِكَ، فَإِذَا بَلَغَكَ ظهُورُنَا فأقبِلْ "، فَقُلْتُ. وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لأصْرُخَنَّ بِهَا بَيْنَ أظْهُرِهِمْ، فجاءَ إِلى الْمَسْجِدِ وقُرَيْش فِيهِ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْش إِني أشْهَدُ أن لَا إِلَه لَّا اللهُ، وأشْهَدُ أن مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَقَالُوا: قُومُوا إِلى هَذَا الصَّابِىءِ، فَقَامُوا، فَضُرِبْتُ لأمُوتَ، فأدْرَكَنِي الْعَبَّاسُ فأكَبَّ علَيَّ، ثمَّ أقْبَلَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: وَيْلَكُمْ تَقْتُلُونَ رَجُلاً مِنْ غِفَارٍ، ومَتْجَرُكُمْ وَمَمَرُّكُمْ على غِفَارٍ، فأقْلَعُوا عَني، فَلَمَّا أن أصْبَحْتُ
ــ
رضي الله عنه بقصته بعد أن وثق به، وهو معنى قوله:" قلت له: بلغنا أنه خرج ها هنا رجل يزعم أنه نبي " إلخ أي يدعى النبوة فأردت أن أتعرف على حقيقته " قال: أما إنك قد رشدت " بفتح الراء والشين أي اهتديت ووصلت إلى مقصودك " هذا وجهي إليه فاتبعني، ادخل حيث أدخل " أي إني متوجه إليه، فاتبعني وسر معي حيث سرت قال:" ودخلت معه على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت له: اعرض عليّ الإِسلام " أي بين لي أركانه وشرائعه " فعرضه فأسلمت مكاني " أي فأسلمت حالاً " فقال لي: يا أبا ذر أكتم هذا الأمر " يعني فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بإخفاء إسلامه خوفاً عليه من إيذاء قريش له، وحرصاً على سلامته منهم " فقلت: والذي بعثك بالحق لأصرخن بها بين أظهرهم " أي لأرفعن صوتي بالشهادتين عالياً في وسطهم " فجاء إلى المسجد وقريش فيه، فقال: يا معشر قريش أشهد أن لا إله إلاّ الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وأعلن إسلامه أمامهم " فقالوا: قوموا إلى هذا الصابىء " أي الخارج عن