دينه، المفارق لملة آبائه وأجداده " فضربت لأموت " أي فضربوني ضرباً شديداً قاصدين بذلك قتلي والقضاء علي " فأدركني العباس " يعني فأنقذني منهم العباس رضي الله عنه " فأكب عليَّ " أي ألقى بنفسه عليَّ ليحول بينهم وبيني، وحذرهم من قبيلتي، فقال: " ويلكم تقتلون رجلاً من غفار، ومتجركم وممركم على غفار " أي كيف تقتلون هذا الرجل وهو من غفار فتعرضون قوافلكم التجارية للخطر، حيث أن تجارتكم إنما تمر عليها " فأقلعوا عني " أي تركوه " فلما أصبحت الغد رجعت، فقلت مثل ما قلت بالأمس " الخ. أي فعاودت مقالتي هذه في صبيحة اليوم الثاني، وعاودت قريش ضربها لي، وأدركني العباس فأنقذني منهم، كما فعل في اليوم الأوّل " قال: فكان هذا أول إسلام أبي ذر " أي كانت هذه قصة دخوله في الإِسلام.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: قصة إسلام أبي ذر وهو الصحابي الجليل جندب بن جنادة بن السكن بن قيس، وقيل: جندب ابن جنادة بن سفيان بن عبيد، ينتهي نسبه إلى غفار، كان من السابقين إلى الإِسلام وكان طويلاً أسمر اللون نحيفاً أحبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثيراً، وكان يبدأه بالحديث إذا حضر، ويتفقده إذا غاب، وهو من أزهد الصحابة رضي الله عنهم قال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أقربكم مني مجلساً يوم القيامة من خرج من الدنيا كهيئته يوم تركته فيها، وإنه والله ما منكم من أحد إلاّ وقد نشب فيها بشيء غيره " أخرجه أحمد في مسنده. ثانياًً: فضل ماء زمزم وما أودع الله فيها من