للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُعْلِنَ بِذَلِكَ فَسَلْهُ أَنْ يَرُدَّ إِليْكَ ذِمَّتَكَ، فَإِنَّا كَرِهْنَا أنْ نُخْفِرَكَ، وَلَسْنَا مُقِرِّينَ لأبِي بَكْرٍ الاسْتِعْلانَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَتَى ابْنُ الدَّغِنَةِ إِلَى أبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتَ الَّذِي عَاقَدْتُ لَكَ عَلَيْهِ، فَإِمَّا أن تَقْتَصِرَ علَى ذَلِكَ، وإِمَّا أَنْ تَرْجِعَ إِلِيَّ ذِمَّتِي، فإني لا أحبُّ أَنْ تَسْمَعَ الْعَرَبُ أَنِّي أخْفِرْتُ في رَجُلٍ عَقَدْتُ لَهُ، قَالَ أبو بَكْرٍ: فَإِنِّي أردُّ إِلَيْكَ جِوَارَكَ، وأرْضَى بِجِوَارِ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ، فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - لِلْمُسْلِمِينَ: إِنِّي أُرِيْتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لابتَيْنِ، وهُمَا الحَرَّتَانِ، فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ، وَرَجَعَ عَامَّةُ منْ كَانَ هَاجَرَ بأرْضِ الْحَبَشَةِ إلى الْمَدِينَةِ، وتَجَهَّزَ أبو بَكْرٍ قِبَلَ، الْمَدِينَةِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهَ - صلى الله عليه وسلم -: عَلَى رِسْلِكَ فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي، فَقَالَ أبو بَكْرٍ: وَهَلْ

ــ

المشركين" أي يزدحم عليه النساء والأطفال ويتدافعون حتى يتساقطون عليه " فأفزع ذلك أشراف قريش " أي أخافهم وأقلقهم " فأرسلوا إلى ابن الدغنة " وكلموه في شأن الصديق وطلبوا منه أن يلتزم بالشرط " فقالوا: إنا كما قد أجرنا أبا بكر بجوارك على أن يعبد ربه في داره " أي إنا كنا قبلنا جوارك لأبي بكر والتزمنا به، وحافظنا عليه، على شرط أن يعبد ربه سراً، ولا يجاهر بعبادته، فيؤذينا، ويضل نساءنا وصبياننا " فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل " أي فله أن يفعل ذلك، مع بقاء الجوار نافذاً " وإن أبى إلاّ أن يعلن ذلك " أي وإن أصر أن يعبد ربه علناً " فسله أن يرد إليك ذمتك " أي فاطلب منه أن يرد إليك جوارك وحمايتك له " فإنما كرهنا أن نخفرك " أي أن ننتهك حرمة الجوار الذي بيننا وبينك. قالت عائشة رضي الله عنها: " فأتى ابن الدغنة إلى أبي بكر فقال: قد علمت الذي عاقدت لك عليه " أي أنت تعرف الشرط

<<  <  ج: ص:  >  >>