للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَرْجُو ذَلِكَ بِأَبِي أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَحَبَسَ أبو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيَصْحَبَهُ، وعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ، وَرَقَ السَّمُرِ -وَهُوَ الخَبَطُ- أرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَبَيْنَمَا نَحْنُ يَوْماً جُلُوسٌ في بَيْتِ أبِي بَكْرٍ في نَحْرِ الظَّهِيرَةِ قالَ قَائِلٌ لأبِي بَكْرٍ، هَذَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مُتَقَنِّعاً في سَاعةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا، فَقَالَ أبُو بَكْرٍ: فداءٌ لَهُ أبِي وأمِّي، وَاللهِ مَا جَاءَ بِهِ في هَذِهِ السَّاعَةِ إِلَّا أَمْرٌ. قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: فجاءَ رَسُولُ اللهَ - صلى الله عليه وسلم -، فَاسْتَأْذَنَ فَأُذِنَ لَهُ، فَدَخَلَ، فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - لأَبِي بَكْرٍ

ــ

الذي شرطته على قريش في جواري لك، " فإما أن تقْتَصِر على ذلك " وتحافظ عليه، ولا تتعدى حدوده، " وإما أن ترجع إليَّ ذمتي " وترد إليَّ جواري " فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت " أي فإني أخشى أن تضطر قريش إلى انتهاك حرمة جواري على نقض عهدي، ويكون ذلك وصمة لي " فقال أبو بكر فإني أرد إليك جوارك " وذلك رغبة منه في أن يتحرر في عبادته فيعبد الله كيف شاء " فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للمسلمين: إني أريت دار هجرتكم " أي أنه - صلى الله عليه وسلم - أطلعه الله في منامه على " المدينة " التي سيهاجر إليها " وتجهز أبو بكر قبل المدينة " أي تهيأ واستعد أبو بكر للرحيل إلى المدينة التي أمر الله بالهجرة إليها " فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رسلك " أي تمهل قليلاً فلعلك ترافقني في الهجرة إليها " فحبس أبو بكر نفسه " أي فتوقف أبو بكر وتأخر عن السفر من أجل أن يصحب النبي - صلى الله عليه وسلم - " وعلف راحلتين عنده ورق السمر وهو الخبط (١) " أي ما يخبط بالعصى من أوراق الشجر، " فبينما نحن يوماً جلوس في بيت أبي بكر في نحو الظهيرة " أي عند الهاجرة، وبقرب الزوال "قال قائل


(١) وهو شجر الطلح، والطلح كما قال أبو عبيدة والفراء: شجر عظام له شوك. اهـ. في " تفسير القرطبي " ج ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>