عددهم ألفاً، معهم مائة فرس وسبعمائة بعير، وهم في غاية البطر والخيلاء، معتمدين على قوتهم، وكثرة عددهم، وجاءهم رسول أبي سفيان يخبرهم أنه نجا بالعير، فقال أبو جهل: والله لا نرجع حتى نأتي بدراً، فنقيم هناك ثلاث ليال، ننحر الجزور، ونطعم الطعام، ونسقي الخمر، وتعزف علينا القيان، وتسمع بنا العرب، فلا يزالون يهابوننا بعدها أبداً. وخرج - صلى الله عليه وسلم - في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً وليس معهم من الإِبل سوى سبعين ومعهم فرسان فقط، وكان معهم رايتان سوداوان راية المهاجرين ويحملها علي رضي الله عنه، وراية الأنصار ويحملها رجل منهم، وكان اللواء الأبيض يتلألأ خفاقاً بيد مصعب بن عمير، فلما وصل النبي - صلى الله عليه وسلم - وادي الصفراء، علم أن أبا سفيان قد نجا بعيره، وأن قريشاً قد أقبلت لقتال المسلمين فاستشار أصحابه، فقال: إن القوم قد خرجوا من مكة على كل صعب وذلول، فماذا تقولون؟ فنهض من المهاجرين المقداد بن عمرو فقال: يا رسول الله امض لما أمرك الله، فنحن معك، لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى:(فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا) ولكنا نقول لك: إذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون ما دامت فينا عين تطرف. فوالله الذي بعثك بالحق، لو سرت بنا إلى بَرْكِ الغماد لَسِرْنَا مَعَكَ.
وكان - صلى الله عليه وسلم -: قد أراد أن يتعرف على رأي الأنصار لأن المعاهدة التي عقدها معهم في بيعة العقبة إنما تنص على حمايته في المدينة فهو لا يريد منهم أن يخرجوا معه إلى حرب خارج المدينة إلاّ بمحض إرادتهم واختيارهم، وأدرك الأنصار ما عناه النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه الاستشارة، فوقف رئيسهم سعد بن معاذ، وقال: لعلك تريدنا معاشر الأنصار؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: نعم فقال سعد: قد آمنا بك، وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، ولعلك تخشى أن يكون الأنصار لا ينصروك إلاّ في ديارهم، وإني أقول عن الأنصار: فامض يا رسول الله لما أردت، فنحن معك والذي بعثك بالحق، لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا