رجل واحد، وما نكره أن تلقي بنا عدونا غداً، وإنا لصبر في الحرب، صدق عند اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله. فزاد سرور النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال سيروا وأبشروا، فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين، العير أو النفير، فوالله لكأني أنظر إلى مصارع القوم. وبنوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - عريشاً يكون فيه، ورأى - صلى الله عليه وسلم - قريشاً مقبلة من الكثيب فقال: اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها، تحادك، وتكذّب رسولك، اللهم نصرك الذي وعدتني، وحاول حكيم بن حزام أن تعود قريش إلى مكة دون حرب، فأتى عتبة بن ربيعة فقال: يا أبا الوليد هل لك أن لا تزال تذكر بخير إلى آخر الدهر، قال: وما ذاك يا حكيم؟ قال: ترجع بالناس، فقام عتبة بن ربيعة خطيباً فقال: يا معشر قريش إنكم والله ما تصنعون بأن تلقوا محمداً وأصحابه شيئاً، والله لئن أصبتموه لا يزال الرجل ينظر في وجه رجل يكره النظر إليه قتل ابن عمه، أو ابن خاله، أو من عشيرته، فارجعوا فخلوا بين محمد وبين سائر العرب، فقال أبو جهل: والله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد، وأرسل إلى عامر بن الحضرمي يحثه على الأخذ بثأر أخيه، فصاح عامر: واعمراه واعمراه، فحميت الحرب وبدأ القتال بالمبارزة، فخرج عتبة بن ربيعة بين أخيه شيبة وابنه الوليد، فخرج إليهم فتية من الأنصار، فقالوا: ما لنا بكم حاجة، يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا، فبارز عبيدة وهو أسن القوم عتبة بن ربيعة، وبارز حمزة شيبة بن ربيعة وبارز عليٌّ الوليد بن عتبة، فأمّا حمزة فلم يمهل شيبة حتى قتله، وأما عليٌّ فلم يمهل الوليد حتى قتله، واختلف عبيدة وعتبة بينهما ضربتين، كلاهما أثبت صاحبه، وكر حمزة وعلي بأسيافهما على عتبة فأجهزا عليه، ثم التقى الفريقان وتزاحف الناس، ونظّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجيش، ورتب الصفوف، ودخل إلى العريش يناشد ربّه ما وعده من النصر، وهو يقول:" اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد "، وأبو بكر يقول: يا نبي الله بعض مناشدتك ربك، فإن الله منجز لك ما وعدك وخرج - صلى الله عليه وسلم - يحرّض الناس