للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثل ما نزل بقريش من النقمة، وأسلموا فإنكم قد عرفتم أني نبي مرسل، فقالوا: لا يغرنك من لقيت، ولئن قاتلتنا لتعلمنّ أنك لم تقاتل مثلنا وصادف في تلك الأيام أن جاءت امرأة نزيعة من قبيلة عربية من غير أهل المدينة، ولكنها متزوجة برجل من الأنصار إلى سوق بني قينقاع لتبيع حلياً فجلست عند صائغ، فجاء رجل من بني قينقاع، فحل ثوبها إلى ظهرها بشوكة، أي ربط بين طرفي ثوبها إلى ظهرها -فلما قامت بدت عورتها فضحكوا منها، فقام إلى اليهودي رجل من المسلمين فقتله، فاجتمعوا عليه وقتلوه ونبذوا العهد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وحاربوا، وكانوا أول من نقض العهد، فسار إليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم السبت منتصف شوال على رأس عشرين شهراً (١) من الهجرة فحاصرهم في حصنهم خمس عشرة ليلة أشد الحصار، حتى قذف الله في قلوبهم الرعب، ونزلوا على حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمر بهم فربطوا، فذهب عبد الله بن أبي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد أحسن في مواليَّ، وألح عليه في إطلاقهم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اجلوهم لعنهم الله، وأمر بهم أن يجلوا من المدينة- فكانت نهايتهم الجلاء كما أشار إلى ذلك ابن عمر في آخر الحديث حيث قال: " وأجلى يهود المدينة كلهم بني قينقاع، وهم رهط عبد الله بن سلام " أي وكان عبد الله بن سلام منهم، وقد جعل الله أموالهم غنيمة، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم (٢) آلة صياغتهم، وأسلحة كثيرة، وأجلاهم، فذهبوا إلى أذرعات بلدة بالشام ولم يدر الحول عليهم حتى هلكوا بدعوته - صلى الله عليه وسلم - عليهم حيث قال لابن أبي لما شفع فيهم: " هم لك لا بارك الله لك فيهم " وكانت غزوة بني قينقاع، وإجلاؤهم عن المدينة في شوال من السنة الثانية من الهجرة. ثانياًً: دل الحديث على غدر بني النضير ونقضهم العهد، ومحاربتهم للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وإجلائه لهم - صلى الله عليه وسلم - من المدينة إلى خيبر، كما قال ابن عمر رضي الله عنهما: " حاربت النضير وقريظة فأجلى بني النضير ". وكانت


(١) " المغازي " للواقدي ج ١.
(٢) " محمد رسول الله " للأستاذ محمد رضا.

<<  <  ج: ص:  >  >>