للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منازلهم جنوب قربان جهة الحرة، تمتد في البقعة المعروفة بأم عشر كما تقدم، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج إليهم يستعين بهم في دية رجلين من بني عامر كان قد قتلهما عمرو بن أمية، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بني النضير يستعين بهم في ديتهما، وكان معه نفر من المهاجرين والأنصار، منهم أبو بكر وعمر وكلمهم أن يعينوه في دية الرجلين، وكان بين بني النضير وبني عامر (١) حلف وعقد، فقالوا: نعم يا أبا القاسم نعينك، ثم حلا بعضهم إلى بعض فقالوا: إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه، أي لن تجدوا فرصة تتيح لكم اغتياله مثل هذه الفرصة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستند إلى بيت من بيوتهم، وأشار عليهم حُييُّ بن أخطب أن يطرحوا عليه وعلى من معه من الصحابة حجارة من فوق هذا البيت الذي هو تحته، وقال لهم: لن تجدوه أخلى منه الساعة، فإنه إن قتل تفرق أصحابه ونصحهم سلام بن مشكّم أن لا يحاولوا ذلك وكان عمرو بن جحاش قد هيأ الصخرة ليرسلها على النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما أشرف بها جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخبر من السماء فنهض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سريعاً كأنّه يريد حاجة، وتوجه إلى المدينة، وجلس أصحابه يتحدثون لبعض حاجته، فلما يئسوا من ذلك قال أبو بكر رضي الله عنه: ما مقامنا ها هنا بشيء، فقاموا في طلبه، فلقوا رجلاً مقبلاً من المدينة، فسألوه عنه، فقال رأيته داخلاً المدينة فأقبل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى انتهوا إليه، فأخبرهم بما كانت اليهود تريده من الغدر به، وأرسل إليهم محمد بن مسلمة يأمرهم بالخروج من بلده، وقال لهم: لا تساكنوني بها، وقد هممتم بالغدر وقد أجلتكم عشراً، فمن بقي بعد ذلك ضربت عنقه، فأرسل إليهم ابن أبي: لا تخرجوا من دياركم وأقيموا في حصونكم، فإن معي ألفين وغيرهم من العرب يدخلون معكم حصونكم، فيموتون عن آخرهم، وتمدكم قريظة وغطفان، فطمع حُييٌّ فيما قال ابن أبي، فأرسل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنّا لن نخرج من ديارنا،


(١) " شرح العيني على البخاري " ج ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>