للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاصنع ما بدا لك، فأعلن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهم الحرب، وصلّى العصر بفناء بني النضير في " قربان " وعليٌّ يحمل راية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقام اليهود على حصونهم يرمون بالنبل والحجارة وحاصرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقطع نخلهم ولم ينصرهم بنو قريظة، وخذلهم عبد الله بن أبي وقومه وقذف الله في قلوبهم الرعب، كما أخبرنا الله تعالى بذلك في سورة الحشر فقال: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (١١) لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ) قال ابن إسحاق: فحاصرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ست ليال، وتحصنوا في الحصون فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقطع النخيل والتحريق فيها -فلما رأوا ذلك قالوا: نخرج من بلادك، فقال: اخرجوا ولكم دماؤكم وما حملت الإِبل إلاّ الحلقة- أي السلاح، فرضوا بذلك، ونزلوا عليه، واحتمل بنو النضير من أموالهم ما استقلت به الإِبل، وخرجوا إلى خيبر، ومنهم من سار إلى الشام، وحملوا أمتعتهم على ستمائة بعير. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى كل ثلاثة بعيراً يتعقبونه، وقبض رسول الله ما تركوه من الأموال والدروع والسلاح، وخلفوا بعدهم النخيل والمزارع والحدائق الغناء في منطقة قربان. وكانت أموال بني النضير من الفيء الخاص برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينفق منه على أهله ويدخر منه قوت السنة من الشعير والتمر، وما فضل جعله في السلاح والكراع. وذهب الشافعي إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قسم أموال بني النضير على المهاجرين ليرفع مؤونتهم عن الأنصار، وهذا يتفق مع ما رواه ابن إسحاق. وكانت غزوة بني النضير كما حكاه البخاري عن الزهرى بعد بدر بستة أشهر قال البيهقي (١): وذهب آخرون إلى أنّها وقعت بعد أحد (٢) وهو الأصح، لأن قصة غدر بني


(١) " البداية والنهاية " لابن كثير.
(٢) وهو ما ذكره ابن إسحاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>