للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سعد أن يقتل رجالهم القادرين على القتال منهم، وأن تُصادر أموالهم، وتكون نساؤهم وصبيانهم غنيمة للمسلمين، فأعلن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الناس أن سعداً قد وفق في حكمه هذا، وأنه قد حكم بحكم الله من فوق سبع سموات، والله أعلم. الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: استسلام بني قريظة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ونزولهم على حكم سعد بن معاذ بعد أن حاربهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بأمر الله تعالى، حيث جاءه جبريل بعد انتهاء غزوة الخندق في بيت عائشة معتجراً (١) بعمامة من إستبرق (٢) على بغلة عليها قطيفة من ديباج فقال: أوقد وضعت السلاح يا رسول الله؟ قال: نعم، فقال جبريل: فما وضعت الملائكة السلاح، إن الله يأمرك بالمسير إلى بني قريظة، فإني عائدٌ إليهم، فمزلزل بهم، وكانت منازل بني قريظة بالحرّة الشرقية الجنوبية من العوالي شرقي " حاجزة " (٣) الحديقة المعروفة التي يقع على بابها مسجد بني قريظة وتنتهي هذه الحرة عند مشربة أم إبراهيم، فلما أمر - صلى الله عليه وسلم - بالخروج أمر بلالاً أن يؤذن في الناس: إن الله يأمركم أن لا تصلوا العصر إلَّا في بني قريظة، وأعطى اللواء لعلي، وخرج إليهم في ثلاثة آلاف مقاتل، فحاصرهم خمسة عشر يوماً حتى جهدهم الحصار، وألقى الله في قلوبهم الرعب، فعرض عليهم سيدهم كعب بن أسد أن يؤمنوا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ويصدقوه، فقالوا: لا نفارق حكم التوراة، فعرض عليهم أموراً أخرى فرفضوها، ولما شدد النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهم الحصار استسلموا له، ونزلوا على حكمه، فحاولت الأوس وهم حلفاؤهم تخفيف الحكم في حقهم وشفعوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهم، فأجابهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: أما ترضون أن يحكم فيهم


(١) واضعاً العمامة على رأسه.
(٢) الاستبرق والديياج نوعان من الحرير.
(٣) " المدينة بين الماضي والحاضر " لمؤرخ المدينة الأستاذ إبراهيم العياشي.

<<  <  ج: ص:  >  >>