للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجل منكم، قالوا: بلى، قال: فذاك سعد بن معاذ، وكان سعد رضي الله عنه إذ ذاك في خيمة بالمسجد، تمرضه امرأة من أسلم، وتداوي الجرح الذي أصيب به، فحمله قومه على حمار، وهم يقولون له: يا أبا عمرو أحسن إلى مواليك، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما ولاك ذلك لتحسن فيهم، فلما أكثروا عليه، قال: لقد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم، فرجع بعض من كان معه إلى دار بني عبد الأشهل، فنعى إليهم رجال قريظة، فلما انتهي سعد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قوموا إلى سيدكم، ثم قال لسعد: هؤلاء نزلوا على حكمك، فرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحكم فيهم إلى سعد رضي الله عنه فقال: إني أحكم أن تقتل المقاتلة، وتسبى النساء والذرية، وتقسم أموالهم " أخرجه أحمد. وهكذا كان حكم سعد صارماً حيث حكم بتصفيتهم نهائياً. ثانياً: أن حكم سعد باستئصال بني قريظة كان موافقاً لحكم الله تعالى كما قال - صلى الله عليه وسلم -: قضيت بحكم الله عز وجل، ولا مجال لمناقشة هذا الحكم، فهو حكم الله العادل وقد نفذ فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم - حكم الله، فألقى القبض على رجالهم وسجنوا في دار بنت الحارث النجارية الأنصارية، وهي في موضع الحديقة الرومية (١) التي أنشأ في مكانها فندق التيسير، ثم هدم وأدخل في مشروع الحرم النبوي، وقال الشريف العياشي (٢): الذي أراه أنها ما فيه مدرسة آل مظهر، وما يقع في شرقيها، حيث كان مربد غنم الأغوات، وهذا الموضع في اتساع ما يكفي لأسرى قريظة، وأقل ما عُدَّ هو خمسمائة رجل، وأكثر ما قيل ثمانمائة، ولما حُبَسَ هؤلاء في دار بنت الحارث خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى سوق المدينة، وأمر أن تحفر الخنادق، وأخرجوا أرسالاً أي أفواجاً، فضربت أعناقهم، ومنهم حيي بن أخطب، وكعب بن أسد، وكان عددهم ستمائة، وتولى ضرب أعناقهم علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام،


(١) " وفاء الوفاء " للسمهودي.
(٢) " المدينة بين الماضي والحاضر " للعياشي.

<<  <  ج: ص:  >  >>