للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْكُمْ شَيْئًا) إلى آخر الآية الكريمة، التي يمن الله تعالى فيها على المسلمينَ، ويذكرهم بأنه عز وجل قد نصرهم في وقائع كثيرة فيقول: (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ) أي في غزوات كثيرة ما كنتم تؤمّلون فيها بالظفر لقلة عددكم وعتادكم، ونصَركُمْ أيضاً في غزوة حنين الذي أعجبتكم فيها كثرتكم (١)، إذ كنتم اثني عشر ألفاً، وكان الكافرون أربعة آلاف فقط فقال قائلكم: لن نغلب اليوم من قلة، فشق ذلك على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكانت الهزيمة لكم عقوبة على هذا الغرور، والعُجب، (فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا) أي فلم تكن تلك الكثرة التي غرتكم كافية لانتصاركم (وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ) أي واشتد عليكما الخوف (٢) حتى ضاقت عليكم الأرض، فلم تجدوا فيها موضعاً تلجؤون إليه (ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) أي ثم وليتم ظهوركم لعدوكم مدبرين لا تلون على شيء، (ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) أي ثم أنزل الله تعالى من سماء عزته على قلب نبيه والمؤمنين من حوله الشعورَ بالأَمن والهدوء والطمأنينة والارتياح النفسي بعد ما عَرَض لهم من الحزن والقلق عند وقوع الهزيمة لِإخوانهم. أما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبعض المؤمنين الذين أحاطوا به وهم قلة لا يتجاوزون التسعة، فإنهم ثبتوا كالأَطواد الراسيات. قال الحافظ في الفتح: وروى الترمذي من حديث ابن عمر بإسناد حسن قال: " لقد رأيتنا يوم حنين، وإن الناس لمولين (٣)، وما مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مائة رجل "، قال الحافظ: " وهذا أكثر ما وقفت عليه (٤)، وقال بعض المفسرين معنى قوله تعالى: (وَعَلَى


(١) " تفسير المنار " ج ١٠.
(٢) " التفسير المنير " ج ١.
(٣) هكذا ذكر هذه الكلمة بالنصب الحافظ في " الفتح "، وقد وقفت على الحديث في " سنن الترمذي " بلفظ " لقد رأينا يوم حنين وإن الفئتين لموليتان وما مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مائة رجل ". وقال المباركفوري في " التحفة ": قوله: " وإن الفئتين لموليتان " كذا في النسخ الحاضرة. وأشار إلى ما ذكره الحافظ.
(٤) من عدد من ثبت يوم حنين. (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>