للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَجُلاً أمِيناً حَقَّ أمِين، فاسْتَشْرَفَ لَهُ أصْحَابُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَال: " قم يَا أبَا عُبَيدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ " فَلَمَّا قَامَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " هَذَا أمِينُ هَذ الأمَّةِ ".

ــ

ما تطلبه منا " وابعث معنا رجلاً أميناً " قال ابن كثير (١): فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: قد رأينا أن لا نلاعنك، ونتركك على دينك، ونرجع على ديننا، ولكن ابعث معنا رجلاً من أصحابك ترضاه لنا، يحكم بيننا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ائتوني العشية أبعث معكم القوي الأمين " فاستشرف له أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أي فتطلع لهذا المنصب أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لا رغبة في الإمارة، ولكن حرصاً على هذه الصفة الكريمة صفة الأمانة " فقال: قم يا أبا عبيدة بن الجراح، فلما قام قال: هذا أمين هذه الأمة " فوصفه بهذه الصفة الكريمة.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: عزم النبي - صلى الله عليه وسلم - وتصميمه على مباهلة وفد نجران تنفيذاً لأمر الله تعالى في قوله عز وجل (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ)، أما نصارى نجران فإنهم أحجموا وَوَجَمُوا عن المباهلة خشية أن يصابوْا بسوء، قال الإمام محمد عبده (٢): وهذا الطلب -أي طلب النبي - صلى الله عليه وسلم - المباهلة- يدل على قوة يقين صاحبه، وثقته بما يقول، كما يدل امتناع من دعوا إلى ذلك من أهل الكتاب على امترائهم فيما يعتقدون، وكونهم على غير بينة ولا يقين. ثانياً: أن في الحديث منقبة عظيمة لأبي عبيدة رضي الله عنه حيث وصفه بأنه أمين هذه الأمة، وتلك صفة عظيمهَ أشرأبت لها أعناق كبار الصحابة. ثالثاً: جواز صلح أهل


(١) " البداية والنهاية " لابن كثير ج ٥.
(٢) " تفسير المنار " ج ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>