جَاءَ الْعَاقِبُ، والسَّيِّدُ صَاحِبَا نَجْرَانَ إلى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدَانِ أنْ يُلاعِنَاهُ، قالَ: فَقَالَ أحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: لا تَفْعَلْ، فَوَاللهِ لَئِنْ كَانَ نَبِيَّاً فلاعَننَا لَا نُفْلِحُ نَحْنُ وَلَا عَقِبُنَا مِنْ بَعْدِنَا، قَالا: إنَّا نُعْطِكَ مَا سَأَلتَنَا، وابْعَثْ مَعَنَا رَجُلاً أمِيناً ولا تَبْعَثْ مَعَنَا إلَّا أمِيناً، فَقَالَ:"لأبعَثَنَّ مَعَكُمْ
ــ
١٠٠٤ - معنى الحديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى أهل نجران كتاباً قال فيه: " من محمد النبي رسول الله إلى أسقف نجران، فإني أحمد إليكم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب. أمّا بعد فإني أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد، وأدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد، فإن أبيتم فالجزية، فإن أبيتم آذنتكم بحرب، والسلام " فقدم إليه وفد من أشرافهم منهم " العاقب " أميرهم و" السيد " مستشارهم فسألهم وسألوه عن عيسى، فأنزل الله تعالى في ذلك صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية، فتصدى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد نزول هذه الآيات لمناقشتهم، وأقام عليهم الحجة والدليل القاطع على أن عيسى ليس إلهاً ولا ابناً لله تعالى كما يزعمون، ولكنه عبد الله ورسوله (١)، فلما أصرّوا على عقيدتهم أمره الله تعالى بمباهلتهم، ومعنى " المباهلة " أن يجتمع الطرفان رجالاً ونساءً وأطفالاً ويبتهلا إلى الله تعالى بأن يلعن الكاذب فيما يقول عن عيسى، ولذلك عبّر عنها في الحديث بالملاعنة حيث قال " يريدان أن يلاعناه " أي يلاعنا النبي - صلى الله عليه وسلم - حين طلب منهم ذلك، فقال أحدهما لصاحبه وهو العاقب: لا تفعل، والله لقد علمتم أن محمداً لنبي مرسل، ولقد جاءكم بالفصل من خبر صاحبكم، وما لاعن قوم نبياً قط فيبقى كبيرهم أو ينبت صغيرهم، " لئن كان نبياً فلاعننا لا نفلح نحن ولا عقبنا " أي نهلك نحن وأبناؤنا و" قالا: إنا نعطيك ما سألتنا " أي نعطيك
(١) وقد تقدم لنا شرح هذه المناقشة أثناء كلامنا على الترجمة.