للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدِّيوَانَ- قَالَ كَعْبٌ: فما رَجُلٌ يُرِيدُ أنْ يَتَغَيَّبَ إِلَّا ظَنَّ أنْ سَيَخْفَى لَهُ مَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وَحْيُ اللهِ، وغَزَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - تِلْكَ الْغَزْوَةِ حينَ طَابَتِ الثِّمَارُ والظلالُ، وَتَجَهَّزَ رَسُول اللهِ المسلمُونَ مَعَهُ، فَطفِقْتُ أغدُو لِكَيْ أتجَهَّزَ مَعَهُمْ فأرْجِعُ ولَمْ أقْضِ شَيْئَاً، فَأقولُ في نَفْسِي أَنا قَادِر عَلَيْهِ، فَلم يَزَلْ يَتَمَادَى بِي حتَّى اشْتَدَّ بالنَّاسِ الجِدُّ، فأصْبَحَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - والْمُسْلِمُونَ مَعَهُ، وَلَمْ أَقض مِنْ جِهَازِي شَيْئَاً، فَقُلْتُ: أتجَهَّزُ بَعْدَهُ بِيَوْم أوْ يَوْمَيْنِ، ثم ألحَقُهُمْ، فَغَدَوْتُ بَعْدَ أنْ فَصَلُوا لأتَجَهَّزَ،

ــ

أنه سيسير بالمسلمين في فلاة وأراض قاحلة ليس فيها قطرة ماء، حتى إن من يسير فيها يعرّض نفسه للهلاك من شدة العطش " وعدواً كثيراً، فجلى للمسلمين أمرهم " أي فبيّن - صلى الله عليه وسلم - لهم أنه يريد غزو الروم " ليتأهبوا أهبة غزوهم " بضم الهمزة وسكون الهاء أي ليأخذوا معهم ما يحتاجون إليه في تلك الغزوة الصعبة من سلاح وعتاد " والمسلمون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثير " يبلغ عددهم ثلاثين ألفاً " ولا يجمعهم كتاب حافظ " أي لم تقيد أسماؤهم في سجل حتى يعرف الحاضر من الغائب " فما رجل يريد أن يتغيّب إلَّا ظن أن سيخفى له " أي إلَّا اعتقد أنه لا يظهر غيابه وأنه سيخفى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " ما لم ينزل فيه وحي الله " فيكشفه ويفضحه أمام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " وغزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلك الغزوة حين طابت الثمار " أي نضجت الثمار، وحان اجتناؤها " والظلال " أي ورغب الناس في الجلوس تحت الأشجار يستظلون من وهج الشمس " وتجهز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون معه فطفقت للغزو لكي أتجهز معهم، فأرجع ولم أقض شيئاً " أي فبدأت أذهب كل صباح إلى سوق المدينة لكي أشتري ما أحتاج إليه في هذه الغزوة من عتاد وزاد، ولكنني أعود إلى بيتي وأنا لم أحضر معي شيئاً أغزو " فأقول في نفسي أنما قادر عليه " أي فأقول لنفسى محاولاً إقناعها

<<  <  ج: ص:  >  >>