للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ) إلي قَوْلِهِ: (أُولُو الْأَلْبَابِ) قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " فَإِذَا رَأيْتُ الَّذِيْنَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهُ مِنْهُ، فأولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللهُ فاحْذَرُوهُمْ ".

ــ

الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) ومعنى الآية كما قال السعدي (١) أن الله أنزل القرآن محتوياً على المحكم الواضح المعنى، وعلى المتشابه الذي يحتمل معان متعددة لا يتعين أحدهما حتى يضم إلى المحكم، فأمّا أهل الزيغ والضلال فإنهم يعمدون إلى المتشابه فيستدلون به على مقالاتهم الباطلة، وأما أهل العلم الراسخ واليقين الثابت، فإنهم لا يأخذون إلَّا بالآيات المحكمة، ويردون المتشابه إلى المحكم، ويفسرونه به لأنهم يعلمون أن القرآن كله من عند الله، فإذا خفيت عليهم آية متشابهة فسروها بآية أخرى محكمة.

١٠١٧ - معنى الحديث: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قرأ قوله تعالى (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ) إلخ الآية، ثم حذر علماء أمته أن يعتمدوا على الآيات المتشابهة، ويستدلوا بها على العقائد والأحكام، لأنها تحتمل معان مختلفة، والدليل إذا طرقه الاحتمال بطل به الاستدلال، وقد بالغ - صلى الله عليه وسلم - في التحذير والتنفير من ذلك وأمر باجتناب من يفعله فقال - صلى الله عليه وسلم -: " إذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه " أي إذا رأيت الذين يتقصدون الآيات المتشابهة ليستدلوا بها على مذاهبهم الباطلة، كما يفعل الخوارج والمعتزلة وغيرهم من أهل البدع والأهواء " فأولئك الذين سمّى الله فأحذروهم " أي فأولئك الذين وصفهم الله بالزيغ والضلال في قوله تعالى:


(١) " تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن " للشيخ عبد الرحمن السعدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>