للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تلك المرأة لا تحل لزوجها الأول حتى يجامعها الثاني، ويجد لذة المباشرة وحلاوتها. الحديث: أخرجه الستة.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن المطلقة ثلاثاً لا تحل لزوجها الأول بمجرد زواجها من الثاني، بل لا بد من جماعه لها، فلا يجوز لها إذا طلقها الثاني أن تعود إلى الأوّل إلاّ إذا جامعها الثاني قبل طلاقها لقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث الباب لما سئل " أتحل للأول؟ قال: " لا حتى يذوق عسيلتها كما ذاقها الأول ". وهو معنى قوله تعالى: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) أي حتى تتزوج غيره، ويذوق عسيلتها، وتذوق عسيلته كما في حديث الباب، قال الأزهري: ويتحقق ذلك بتغييب الحشفة في الفرج مع الإِنزال، وقال ابن المنذر: أجمع العلماء على اشتراط الجماع لتحل للأول إلّا سعيد بن المسيب. قال ابن المنذر: ولا نعلم أحداً وافقه عليه إلاّ طائفة من الخوارج. ثانياًً: أن طلاق الثلاث في لفظ واحد يقع ثلاث طلقات عند الجمهور، ولا يجوز للزوجة في هذه الحالة أن تعود إليه حتى تنكح زوجاً غيره ويجامعها، لأن ظاهر هذا الحديث أن الرجل المذكور طلقها ثلاث طلقات مجتمعة في لفظ واحد (١)، فعدّه النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاث طلقات ومنع الزوجة أن تعود إلى زوجها الأوّل حتى تذوق عسيلة الثاني ويذوق عسيلتها، وهو مذهب جماهير العلماء من التابعين ومن بعدهم، منهم الأوزاعي والنخعي والثوري وأبو حنيفة ومالك وأصحابه والشافعي وأصحابه، وأحمد وأصحابه، وإسحاق وكثيرون على أن من طلق امرأته ثلاثاً وقعن، ولكنه يأثم. اهـ. كما أفاده العيني. وقال في " أضواء البيان ": ومن أدلتهم ما رواه أبو داود والدارقطني والشافعي والترمذي وابن ماجة وقال أبو داود: هذا حديث صحيح وصححه ابن حبان والحاكم عن ركانة بن عبد الله أنه طلق امرأته سهيمة البتة، وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -


(١) وهذا ما فهمه البخاري من الحديث، ولذلك أخرجه في هذا الباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>