للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلا صَفَرَ، وَفِرَّ مِنَ المَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأسَدِ".

ــ

إصابة الجسم بتلك الميكروبات المرضية ضعفت كريات الدم البيضاء عن مقاومتها، وتمكنت من الدخول إلى الجسم، وإصابته، فتحدث العدوى. " ولا طيرة " على وزن (عِنَبَة) بكَسر العين وفتح الياء. أي لا حقيقة للشؤم والنحس الذي كان العرب يعتقدونه في الجاهلية عندما تتوجه الطير شمالاً، وذلك أنهم كانوا إذا أرادوا عملاً أو سفراً زجروا الطير الذي يلاقونه، فإذا انصرف يميناً تفاءلوا، وإلا تشاءموا، ورجعوا عن ذلك العمل، اعتقاداً منهم أنّه شر، والمراد من الحديث نفي مطلق التشاؤم من أي شيء من الأشياء التي يتخيلها بعض الناس نحساً وشراً، كأن يسمع كلمة قبيحة فيكره الشيء الذي هو قادم عليه فينصرف عنه لمجرد وهم كاذب لا أساس له من الصحة. قال القاري: وقوله: " لا طيرة " نفي، معناه النهي، كقوله تعالى: (لا ريب فيه) أي لا تتشاءموا من شيء أبداً، وتعتقدوا فيه الشر والضرر لمجرد خيال كاذب لا أساس له من الصحة، فان ذلك لا يجوز ذرعاً ولا عقلاً .. " ولا هامة " بتخفيف الميم المفتوحة، ويقال له (البوم) وكانت العرب تزعم أن عظام الميت إذا بليت تصير هامة (١)، وتخرج من القبر، وتتردد، وتأتي بأخبار أهله. وقال النووي: إن العرب كانت تتشاءم بها، وهي من طير الليل، وقيل هي البومة، كانت إذا سقطت على دار أحدهم يراها ناعية له نفسه، أو بعض أهله، وهو تفسير مالك بن أنس. اهـ. فأبطل الله تعالى كل هذه الاعتقادات، ونهانا عنها. " ولا صفر " قال أبو داوود في سننه، قال بقيةُ، سألت محمد بن راشد عنه قال: كانوا يتشاءمون بدخول صفر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لا صفر " ومعناه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهاهم عن التشاؤم بشهر صفر، لأنه شهر عادي كسائر الشهور الأخرى، ولا حقيقة لما يعتقدونه


(١) " المرقاة شرح المشكاة " للقاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>