للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الشر والنحس " وفر من المجذوم كما تفرُّ من الأسد " أي ابتعد عنه احتياطاً واحترازاً من العدوى، وطلباً للسلامة من الميكروب الذي قد ينتقل، إليك مصحوباً بذلك المرض الخبيث فإن الله قد ربط الأسباب بمسبباتها، وهو خالقها. وقد شبه النبي - صلى الله عليه وسلم - تلك الميكروبات المرضية التي تنقل الجذام من المريض إلى السليم بالأسد لأنها تفترس الجسم الصحيح، وتقضي عليه كما يقضي الأسد على فريسته، ولعل هذا هو السر في تسمية هذا المرض الخطير بداء الأسد: قال ابن القيم: " الجذام علة رديئة (١) تحدث من انتشار المرة السوداء فتفسد مزاج الأعضاء وشكلها حتى تتآكل الأعضاء وتسقط، ويسمى داء الأسد، لكثرة ما يعتري الأسد، أو لأنه يفترس من يقربه ويدنو منه افتراس الأسد، ويشير إلى ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث: " وفر من المجذوم فرارك من الأسد ". ويقول الدكتور عادل الأزهري: وخطورة هذا المرض (٢) في إتلاف الأعصاب المتطرفة فيفقد المريض حساسية الأطراف أولاً، ثم تتساقط الأصابع تدريجياً، وهو من الأمراض المعدية التي تنتقل عدواها من النفس مع المخالطة الطويلة، ويعزل الآن جميع مرضى الجذام في مصحات خاصة لهم لمنع انتشار المرض. اهـ. ويتميّز عن (٣) الأمراض المعدية ببطء ظهور أعراضه، وطول فترة الإصابة به، وطول مدة علاجه، وكان يظن أنه ورائي، ثم تبيّن بعد انكشاف ميكروبه أنه مرض ميكروبي معدٍ ينتقل بالملامسة والمعاشرة، والخلطة الطويلة، وتخرج الميكروبات من جلد المريض مع إفرازات الأنف والحنجرة (٤) كما تنتقل العدوى عن طريق الملابس والفراش والأدوات، وتدخل إلى السليم عن طريق الجلد خصوصاً إذا كان به جروح، ثم تأخذ طريقها بواسطة الأوعية إلى الغدد اللمفاوية البلغمية


(١) " الطب النبوي " لابن القيم.
(٢) تعليقات الدكتور الأزهري على الطب النبوي لابن القيم.
(٣) طبيبك معك لجماعة من كبار الأطباء في جامعات أوربا وأمريكا.
(٤) كتاب طبيبك معك لجماعة من كبار العلماء والأطباء في جامعات أوربا وأمريكا.

<<  <  ج: ص:  >  >>