للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسكون الدال عود يدخله الرجل في رأسه ليضم بعض شعره إلى بعض، وقال الأصمعي وأبو عبيد: هو المشط " فقال: لو علمت أنك تنظر لطعنت به في عينك " أي نخست بهذا العود عينك، والمعنى: أنه بينما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجرته، وبيده عود يحك به رأسه، إذا برجل ينظر من ثقب الباب، فغضب - صلى الله عليه وسلم - وقال: " لو علمت أنك تنظر إلى داخل بيتي لطعنت بهذا العود في عينك، ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: " إنما جعل الاستئذان من أجل البصر " والمعنى: إنما شرع الله الاستئذان لئلا ينظر المسلم إلى ما لا يحل له النظر إليه أو ينظر إلى ما يكره صاحب المنزل أن يطلع عليه.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: مشروعية الاستئذان ووجوبه، وقد تظاهرت به دلائل القرآن والسنة، قال الحافظ: ويؤخذ منه أنه يشرع الاستئذان على كل أحد حتى المحارم، فقد تكون منكشفة (١) العورة، وقد أخرج البخاري في " الأدب المفرد " عن نافع: كان ابن عمر إذا بلغ بعض ولده الحلم لم يدخل عليه إلاّ بإذن ومن طريق علقمة سألت ابن عباس: أأستأذن على أختي؟ قال: نعم، قلت إنها في حجري! قال: أتحب أن تراها عريانة. اهـ. ويظهر لنا من ذلك أن الحكمة في الاستئذان أن لا ينظر الداخل إلى البيت إلى شيء لا يحل له النظر إليه، أو شيء يكره صاحب المنزل أن يطلع أحد عليه. كما يدل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث الباب: " إنما جعل الاستئذان من أجل البصر " قال الطيبي " والأفضل أن يجمع بين السلام والاستئذان، واختلفوا: هل يستحب تقديم السلام أو الاستئذان؟ والصحيح تقديم السلام، فيقول السلام عليكم أأدخل. ثانياً: دل هذا الحديث على أن للبيوت قداسة وحرمة، فلا يجوز لأحد أن يسترق النظر إلى عورات المسلمين في بيوتهم وينتهك


(١) أي لئلا تكون المرأة متكشفة العورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>