للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طاقتي. اهـ. كما أفاده القاري " أعوذ بك من شر ما صنعت " أي ألجأ إليك أن تجيرني من عقوبة ما اقترفته من الذنوب والآثام. " أبوء لك بنعمتك عليَّ " أي أعترف لك بنعمتك العظمى " وأبوء بذنبي " أي أعترف بذنبي العظيم " فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلاّ أنت " أي فإن ذنوبي لا يملك العفو عنها سواك فأنت غافر الذنب، وقابل التوب، شديد العقاب ذو الطول. ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: " من قالها من النهار موقناً بها، فمات قبل أن يمسي، فهو من أهل الجنة " أي من قال هذه الكلمات مخلصاً من قلبه، مصدقاً بثوابها، مؤمناً بمضمونها إجمالاً وتفصيلاً فمات قبل المساء، فهو من أهل الجنة قال القاري: أي يموت مؤمناً، فيدخل الجنة لا محالة أو مع السابقين، وفي رواية " وجبت له الجنة " وكذلك من قالها من الليل كما في آخر الحديث.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: بيان فضل هذا الدعاء المذكور الذي سمّاه - صلى الله عليه وسلم - " سيد الاستغفار " وفي حديث جابر " تعلموا سيد الاستغفار " قال الطيبي: لما كان هذا الدعاء جامعاً لمعافي التوبة كلها استعير له اسم السيد، وهو في الأصل الرئيس الذي يقصد في الحوائج فالمراد بسيادة هذا الاستغفار أفضليته على غيره وكونه أكثر نفعاً من سواه، ولهذا ترجم له البخاري بقوله: " باب أفضل الاستغفار " أي أكثر أدعية الاستغفار نفعاً. ثانياً: قال الحافظ في قوله: " فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلاّ أنت " يؤخذ منه أن من اعترف بذنبه غفر له، وهذه قضية ثابتة تضافرت عليها الأدلة من الكتاب والسنة، وحسبنا في ذلك قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) (١). ثالثاً: دل هذا الحديث على أن الاستغفار يكون بصيغة " اغفر لي " أو " اللهم اغفر لي " ولكنه لا ينحصر


(١) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه " رواه مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>