للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصَّحُّوا، فارْتَدُّوا، وقَتَلُوا رُعَاتِهَا، واسْتَاقُوا الإبِلَ، فَبَعَثَ في آثارِهِمْ، فأُتِيَ بِهِمْ، فَقَطَعَ أْيدِيَهُمْ وأرْجُلَهُمْ، وسَمَلَ أعيُنَهُمْ، ثُمَّ لَمْ يَحْسِمْهُمْ حَتَى مَاتُوا.

ــ

وأصابهم الجواء وهو المرض " فأمرهم أن يأتوا إبل الصدقة " أي أمرهم أن يخرجوا إلى المكان الذي فيه إبل الزكاة، ويقيموا هناك " فيشربوا من أبوالها " للتداوي بها، لأنها دواء نافع " وألبانها " للتغذي والتداوي بها أيضاً لأنها شفاء " ففعلوا فصحوا " أي فشربوا ذلك فقويت أجسامهم، وصحت أبدانهم " فارتدوا " وخرجوا عن الإِسلام وعادوا إلى كفرهم " وقتلوا رعاتها " أي قتلوا راعي النبي - صلى الله عليه وسلم - وطمعوا في المال " واستاقوا الإِبل " وولوا بها هاربين " فبعث في آثارهم " أي فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب وجماعة من الصحابة وراءهم ليمسكوا بهم ويلقوا القبض عليهم " فأتي بهم " أي فجيء بهم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - " فقطع أيديهم وأرجلهم " من خلاف كما في رواية الترمذي " وسمل أعينهم " بفتح السين والميم، أي فقأ أعينهم " ثم لم يحسمهم " بسكون الحاء وكسر السين " حتى ماتوا بل تركهم حتى ماتوا " أي تركهم ينزفون حتى الموت ولم يكوهم لينقطع الدم. قال ابن الملك: إنما فعل بهم - صلى الله عليه وسلم - هذا مع نهيه عن المثلة، إما لأنهم فعلوا ذلك بالرعاة، وإما لعظم جريمتهم. والله أعلم.

فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن المحارب وقاطع الطريق إذا قتل لا بد من قتله لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل هؤلاء العرنيين المذكورين في الحديث أما إذا أخاف السبيل، أو سرق المال، ولم يقتل فإن الحديث لم يتعرض لهذا، واختلف الفقهاء في حكمه، هل يجوز للإِمام قتله إذا رأى المصلحة في ذلك؟ أم لا يجوز قتل المحارب إلا إذا قتل؟ وسبب هذا الخلاف اختلافهم في الأحكام الواردة في الآية الكريمة من القتل، والصلب، والقطع والنفي هل هي

<<  <  ج: ص:  >  >>