للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الترتيب أو التخيير. فقال بعض الفقهاء: (أو) في قوله تعالى: (أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ) للترتيب والتنويع وتدل على توزيع الأحكام على حسب الجنايات، فمن قتل وأخذ المال قتل وصلب، ومن قتل ولم يأخذ مالاً قتل فقط، ومن اقتصر على أخذ المال قطعت يده ورجله من خلاف، ومن أخاف السبيل ولم يقتل ولم يأخذ مالاً نفي من الأرض، وهذا هو مذهب الشافعية والصاحبين (١)، وهو مروي عن ابن عباس. وقال بعض الفقهاء: إن (أو) في الآية للتخيير فالإِمام مخيّر في الحكم على المحاربين بأي حكم من الأحكام التي أوجبها الله تعالى من القتل أو الصلب أو القطع أو النفي لظاهر الآية الكريمة. وهذا قول مجاهد والضحاك والنخعي، وهو مذهب المالكية (٢). اهـ. إلاّ أن التخيير عندهم مقيد بحدود خاصة، وليس على إطلاقه، فقد قال مالك: " الإِمام بنص الآية مخيّر في تطبيق أي جزاء على المحارب حسب اجتهاده (٣)، وما يرى فيه المصلحة إلاّ القاتل فإن المحارب إذا قتل لا بد من قتله، وليس للإِمام تخيير في قطعه، ولا في نفيه، وإنما التخيير في قتله أو صلبه، وإذا أخذ المال ولم يقتل فلا تخيير في نفيه ويخير الإمام في قتله أو صلبه أو قطعه من خلاف، وأمّا إذا أخاف السبيل فقط، فالإمام مخير في قتله وصلبه وقطعه ونفيه، بمعنى أن للإِمام الحق في استعمال العقوبة الأشد لا في استعمال الأخف. وقال أبو حنيفة بالتخيير في محارب مخصوص وهو الذي قتل النفس وأخذ المال، فالإِمام مخيّر في أمور أربعة: (أ) قطع يده ورجله من خلاف وقتله. (ب) قطع يده ورجله من خلاف وصلبه. (ج) صلبه فقط دون قطع يده ورجله. (د) قتله فقط (٤) واختلف الفقهاء في عقوبة النفي ما


(١) " روائع البيان في تفسير آيات الأحكام " للصابوني ج ١.
(٢) " روائع البيان في تفسير آيات الأحكام " للصابوني ج ١.
(٣) التشريع الجنائي لعبد القادر عودة ج ١.
(٤) " فتح الباري " ج ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>