للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجعلهما شيئاً واحداً، فيجعل الأمر بطاعة الرسول مندرجاً في الأمر بطاعته، ليبين أن طاعته سبحانه لا تتحقق إلاّ بطاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ونلمح ذلك في قوله تعالى: (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ) وقوله عز وجل: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) وقوله: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ويجعل الخروج ولو مرة عن حد الاتباع والتسليم للرسول - صلى الله عليه وسلم - ضلالاً واضحا وانحرافاً لا شك فيه فيقول: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا). ثالثاً: أن السنة هي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإِسلامي. قال الإِمام الشافعي: " إن الله سبحانه قد قرن الإِيمان به بالإِيمان برسوله - صلى الله عليه وسلم -، والإِيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم - بوجوب طاعته في أقواله وأفعاله ومقرراته أما الآراء التي تتعارض مع الاحتجاج بالسنة، فإنها آراء مشبوهة تعود إلى مذاهب هدامة نشأت بالبصرة في القرن الثاني للهجرة، وعاشت فيها وفرّخت وقد ذكر الإمام الشافعي أنه لقي زعماء هذه الطائفة بالبصرة واطلع على آرائهم. ويذكر الإِمام الشافعي " أن جملة (١) الآراء التي قامت في عصره حول السنة النبوية ثلاثة الأول: ينكر الاحتجاج بالسنة جملة، فلا حجة إلاّ في القرآن، ولا دليل إلّا ما كان مستمداً منه معتمداً عليه. الثاني: ينكر خبر الآحاد، ويقصر الاحتجاج على القرآن والحديث المتواتر. الثالث: لا يقبل من السنة إلاّ ما كان بياناً لحكم قرآني، لأن السنة في زعم هؤلاء لا حجة في ذاتها، وإنما هي مبينة للقرآن فقط، واحتج هؤلاء المنكرون لكون السنة مصدراً تشريعياً بأمور: منها: أن القرآن تكفل بتشريع الأحكام، فلا حاجة إلى مصدر آخر. ومنها: قوله تعالى: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ) ومنها: أنّ السنة لو كانت تشريعاً


(١) " أصول الفقه " للعلامة محمد الطاهر النيفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>