فقابلوا الإحسان بالإساءة، والمعروف بالنكران " فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقطع أيديهم وأرجلهم، وسمرت أعينهم " أي كحلت بالمسامير. الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي. والمطابقة: في كونه - صلى الله عليه وسلم - أمرهم أن يشربوا من أبوالها، - وهذا دليل طهارتها.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: قال العيني: استدل مالك بهذا الحديث على طهارة بول ما يؤكل لحمه، سواء كان من الإبل أو الغنم أو غيرها من الدواب، وبه قال أحمد ومحمد بن الحسن والاصطخري والروياني الشافعيان، وهو قول الشعبي وعطاء والنخعي والزهري وابن سيرين والثوري، وقال أبو حنيفة والشافعي وأبو يوسف وآخرون كثيرون: الأبوال كلها نجسة إلاّ ما عفي عنه، وأجابوا عنه بأن ما في حديث العُرَنيين قد كان للضرورة، فليس فيه دليل على أنه يباح في غير حال الضرورة، لأنّ ثمة أشياء أبيحت في الضرورات ولم تبح في غيرها كما في لبس الحرير، فإنه حرام على الرجال، وقد أبيح لبسه في الحرب أو للحكة أو لشدة البرد إذا لم يجد غيره، وله أمثال كثيرة في الشرع. وقال ابن حزم صح يقيناً أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما أمرهم بذلك على سبيل التداوي (١) من السقم الذي كان أصابهم، وأنهم صحت أجسامهم بذلك، والتداوي منزلة ضرورة، وقد قال عز وجل:(إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) فما اضطر المرء إليه فهو غير محرم عليه من المآكل والمشارب.
ثانياً: مشروعية معاقبة المحاربين، وهو موافق لقوله تعالى:(إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتّلوا أو يصلّبوا) ... إلخ.