كَانَ النبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي قَبْلَ أنْ يُبْنَى الْمَسْجِدُ في مَرَابِضِ الْغَنَمِ.
ــ
١٤٧ - معنى الحديث: يقول أنس رضي الله عنه: " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي قل أن يبني المسجد " أي قبل أن يتم بناء مسجده الشريف " في مرابض الغنم " أي في مواضع نومها ليلاً، أو في أماكن شربها، يعني أنه كان - صلى الله عليه وسلم - لا يرى مانعاً من الصلاة في مباركها عند نومها، أو في المواضع التي تشرب فيها، علماً بأنها لا تخلو من بعرها وبولها. الحديث: أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي. والمطابقة: في قوله: " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي في مرابض الغنم " لأنّه يدل على جواز الصلاة في مرابضها، وطهارة أبوالها كما ترجم له البخاري.
ويستفاد من الحديث ما يأتي: أولاً: جواز الصلاة في مرابض الغنم مطلقاً، وهو مذهب الجمهور. قال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه العلم على إباحة الصلاة في مرابض الغنم إلاّ الشافعي فإنه قال: لا أكره الصلاة في مرابض الغنم إذا كان سليماً من أبعارها وأبوالها، وقال ابن بطال: حديث الباب حجة على الشافعي رضي الله عنه (١)، لأن الحديث ليس فيه تخصيص موضع من آخر، ومعلوم أن مرابضها لا تسلم من البعر والبول، فدل على الإباحة. ثانياً: طهارة أبوال الغنم - لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أباح الصلاة في مرابضها وهي كما قال ابن بطال " لا تسلم من البعر والبول " فدل على الإباحة، وعلى طهارة البول والبعر. وقال ابن حزم: هذا الحديث منسوخ، لأنّ فيه أن ذلك كان قبل أن يبني المسجد، فاقتضى أنه في أوّل الهجرة، ولكن يرد عليه ما جاء في حديث أبي زرعة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه: قال " الغنم من دواب الجنة، فامسحوا رغامها، وصلوا في مرابضها " أخرجه البيهقي.