خير فيهم، بل في هلاكهم الخير كل الخير لقريش وغيرها من العرب. " فشق عليهم إذ دعا عليهم، وكانوا يرون أن الدعوة في ذلك البلد مستجابة " أي فصعب على نفوسهم أن يدعو عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك البلد الأمين، وتملكهم الخوف والفزع الشديد، لأنّهم كانوا يعتقدون أن دعوة المظلوم في البلد الحرام مستجابة، سيما إذا كانت في ذلك المقام. " ثم سمّى " أي ثم عيّن النبي - صلى الله عليه وسلم - هؤلاء الأشرار، فدعا عليهم بأسمائهم " فقال: اللهم عليك بأبي جهل وعليك بعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية ابن خلف، وعقبة بن أبي معيط " أي دعا على هؤلاء واحداً واحداً بالهلاك، فاستجاب الله دعاءه، فلم يمض إلا زمن يسير حتى هلكوا عن آخرهم، وأصبحوا كأمس الذاهب. " قال " ابن ميمون: " وعد السابع، فلم نحفظه " أي وعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السابع، أو عده عبد الله بن مسعود فلم يحفظ اسمه عمرو بن ميمون راوي الحديث والله أعلم. " قال " ابن مسعود رضي الله عنه: " فوالذي نفسي بيده لقد رأيت الَّذِيْنَ عدّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صرعى بالقليب قليب بدر " أي رأيتهم موتى، قد ألقيت جثثهم في بئر بدر.
ويستفاد منه ما يأتي: أولاً: أن الطهارة من النجاسة واجبة مع القدرة، ساقطة عند العجز، وهو مذهب مالك رحمه الله لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما ألقيت عليه النجاسة في الصلاة، ولم يكن قادراً على إزالتها، أتم صلاته، ولم يقطعها، ولو كانت النجاسة عند عدم القدرة تفسد الصلاة لقطعها، وقال الجمهور: الطهارة من النجاسة شرط في صحة الصلاة مطلقاً في جميع الأحوال لقوله تعالى: (وثيابك فطهر) وللمالكية فيها قولان مشهوران: الوجوب والسنيّة حال التذكر والقدرة والتمكن. فإن صلى بالنجاسة عامداً قادراً على إزالتها أعاد صلاته وجوباً لبطلانها، وعلى القول بأن إزالة النجاسة سنة تندب الإِعادة، وعلى كلا القولين تندب الإِعادة للناسي والعاجز عنها عند المالكية. ثانياً: