للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نهراق الدماء -بضم التاء وفتح الهاء وتسكينها- أي يتصبب منها الدم دون انقطاع في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاستفتت لها أم سلمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: لتنظر إلى عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها، فلتترك الصلاة قدر ذلك، فإذا خلّفت ذلك فلتغتسل، ثم لتستثفِرْ بثوب " أي تشد خرقة عريضة على فرجها " ثم لتصلِّ " أخرجه أبو داود والنسائي فإنّ الحديث صريح في أن المعتادة تعمل بعادتها، فتمكث ممتنعة عن الصلاة وغيرها مدة عادتها، فإذا انتهت تلك الأيام التي كانت تعهدها، وجاوزت مدة الحيض التي كانت معتادة عليها قبلِ إصابتها بالاستحاضة، فإنها تطهر وتغتسل وتصلّي. ومما يدل على ذلك أيضاً حديث أسماء عند أبي داود وغيره ولفظه: " فأمرها أن تقعد الأيام التي كانت تقعد، ثم تغتسل " وحديث أم حبيبة أنها سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الدم فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك، ثم اغتسلي " أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي. فإن هذه الأحاديث ليس فيها إلاّ الرد إلى العادة لا سيما حديث أم سلمة. قال ابن قدامة: وحديث أم سلمة رضي الله عنها إنما يدل على العادة بلا نزاع فيه .. اهـ. ولهذا قال أكثر أهل العلم " المستحاضة ترد إلى عادتها ولو كانت مميزة " فلا اعتبار للتمييز، وإنما تعتبر العادة. قال الزرقاني: " وهو مذهب أبي حنيفة وأحد قولي الشافعي وأشهر الروايتين عن أحمد " (١) اهـ. قال ابن قدامة: وظاهر كلام أحمد اعتبار العادة وهو قول أكثر الأصحاب (٢) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رَدَّ أم حبيبة والمرأة التي استفتت لها أم سلمة إلى العادة ولم يستفصل بين كونها مميزة أو غيرها. وذهب الشافعي على الأصح إلى أنّ المميزة تعمل بالتمييز ولا تعمل بالعادة، إلاّ إذا كانت غير مميزة. وأما المالكية: فقد نسب الزرقاني إليهم أن المستحاضة تعمل بتمييزها


(١) شرح الزرقاني على الموطأ ج ١.
(٢) المغني، لابن قدامة ج ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>