للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإنَاءٍ فَفَرَّغَ فِيِه مِنْ أفْوَاهِ الْمزَادَنَيْنِ أو السَّطِيْحَتَيْنِ، وأوكأ أفْوَاهَهمَا، وأطْلَقَ العَزَالِي، ونودِيَ في النَّاسِ: اسْقوا واسْتَقُوا، فَسَقَا مَنْ شَاءَ، واستقَى مَنْ شَاءَ، وَكَانَ آخِرَ ذَاكَ أنْ أعْطى الَّذِي أصَابَتْه الْجَنَابَة إِنَاءً مِنْ مَاءٍ، قالَ: اذْهَبْ فافرِغْهُ عَلَيْكَ، وَهِي قَائِمَةٌ تَنْظر إلى ما يُفْعَلُ بِمَائِهَا، وأيم اللهِ لَقَدْ أقْلِعَ عَنْهَا، وإِنَّه لَيخَيَّل إِلَيْنَا أنهَا أشَدُّ مِلأة مِنْهَا حين ابْتَدَأ فيهَا، فَقالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: اجْمَعوا لَهَا، فجَمَعُوا لها مِنْ بَيْنِ عَجْوَةٍ وَدَقِيقَةٍ وَسَوِيْقَةٍ حَتَّى جَمَعُوا لَهَا طَعَاماً، فَجَعَلُوهَا في ثَوْبٍ، وَحَمَلُوْهَا عَلى بَعِيرِهَا، وَوَضَعوا الثَّوْبَ بَيْنَ يَدَيْهَا، قَالَ لَها: تَعْلَمِينَ مَا رَزِئْنَا مِنْ مَائِكِ

ــ

النبي - صلى الله عليه وسلم - بإناء ففرغ فيه من أفواه المزادتين" أي ففرغ الماء في ذلك الإِناء من أفواه المزادتين " وأوكأ أفوههما " أي ربط أفواه القربتين العليا " وأطلق العزَالِي " بفتح الزاي وكسر اللام، أي وفتح أفواه القربتين السفلى لكى يخرج الماء منها، " ونودي في الناس اسقوا واستقوا " أي اسقوا دوابكم واشربوا من هذا الماء الذي ساقه الله إليكم " فسقا من شاء، واستقى من شاء " أي فشربوا وسقوا دوابهم ومواشيهم " وهي قائمة تنظر " أي وهي واقفة تشاهد هذه الحوادث العجيبة بعينيها " وايم الله " وهو لفظ من ألفاظ القسم، أصله أيمن الله بضم الميم والنون، فحذفت النون تخفيفاً " قد أقلع عنها " بضم أوله وكسر ثالثه والبناء للمجهول، أي تُركتْ وكف الناس عنها " وإنه ليخيل إلينا أنها أشد مِلْأةً " بكسر الميم وسكون اللام أي امتلاءً " منها حين ابتدأ فيها " ومعنى ذلك أن الراوي يقسمٍ بالله تعالى على أن هاتين القربتين لم ينقصْ من مائهما بعد الشرب منهما شيئاً، بل إنه ليتراءى لأعينهم أن الماء قد زاد بعد شربهم منه عما كان عليه قبل أن يشربوا منه "فجمعوا من بين عجوة

<<  <  ج: ص:  >  >>