للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيئَاً، وَلَكِنَّ اللهَ هُوَ الَّذِي أسْقَانَا، فَأتتْ أهلَهَا، وَقَدْ احتبست عَنْهُمْ قَالُوا: مَا حبسَكِ يَا فُلَانَةُ؟ قَالَتِ: الْعَجَبُ، لَقِيَني رَجُلَانِ فَذَهَبَا بي إلى هَذَا الَّذِي يُقَالُ لَه الصَّابِىءُ، ففعل كَذَا وكَذَا، فواللهِ إِنَّهُ لأسْحَرُ النَّاس من بين هذِه وَهَذِه، وقَالَتْ بأصْبَعَيْهَا الْوُسْطى والسَّبَّابَةِ فَرفَعَتُهُمَا إِلى السَّمَاءِ تَعْنِي السَّمَاءَ والأرْضَ، أو إِنَّهُ لَرَسُولُ الله حِقاً، فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ

ــ

ودقيقة وسويقة" أي فجمعوا لها من أصناف الطعام، والأزواد الموجودة لديهم " وحملوها على بعيرها " أي وأركبوها على بعيرها " قال: تعلمين ما رزئنا (١) من مائك شيئاً " أي لقد علمت يقيناً، وشاهدت ببصرك، ورأيت رأي العين أننا لم ننقص من مائك شيئاً فنكون سبباً في إيذائك وإلحاق الضرر بك " ولكن الله هو الذي سقانا " أي ولكننا قد شربنا من الماء الذي ساقه الله إلينا وسقانا منه وقد أراد - صلى الله عليه وسلم - من كلامه هذا أن يلفت نظر تلك المرأة إلى أنّهم حين شربوا من القربتين لم يضروها بشيء وإنما شربوا من الماء الذي سقاه الله لهم، حيث أن ماء القربتين زاد ولم ينقص، فكان ذلك معجزة ظاهرة للنبي - صلى الله عليه وسلم - نبهها إليها لتحدث قومها عنها، وهذا ما وقع منها عند رجوعها إليهم كما قال الراوي " فأتت أهلها وقد احتبست عنهم " أي تأخرت عنهم بعض الشيء " فقالوا ما حبسك يا فلانة، قالت: العجب " أي الذي أخرني عنكم أمرٌ عجيب، وقصة غريبة، ثم حكت لهم قصتها فقالت: " لقيني رجلان فذهبا بي إلى هذا الرجل الذي يقال له الصابىء " أي فذهبا بي إلى محمد بن عبد الله الذي تسميه قريش " الصابىء " أي الخارج عن دينه، وكانوا يصفونه بذلك طعناً فيه وتشنيعاً عليه كما ذكرنا " ففعل كذا وكذا " أي فسقى الجيش كله من هاتين المزادتين دون أن ينقص من مائهما شيئاً، إلى غير ذلك


(١) مَا رَزِئْنَا بفتح الراء وكسر الزاي.

<<  <  ج: ص:  >  >>